بول الأشقر
أظهرت آخر النتائج الرسمية التي أعلنها «المجلس الانتخابي الأعلى» في نيكاراغوا، وهي تشمل فرز حوالى 40 في المئة من الأصوات، أن الزعيم «السانديني» ورئيس الجمهورية السابق دانيال أورتيغا نجح أخيراً في رهانه للعودة إلى سدّة الرئاسة.
ونال أورتيغا، بحسب هذه الأرقام الأولية، 40.1 في المئة من أصوات الناخبين، فيما حصل منافسه اليميني الأساسي المدعوم من الولايات المتحدة، إدواردو مونتي أليغري، الذي يمثل ائتلافاً من الحزب المحافظ مع منشقين من الحزب الليبرالي، على أقل من 33 في المئة من الأصوات.
ويذكر أنه من أجل أن يفوز المرشح الرئاسي من الدورة الأولى عليه أن يحصل على 40 في المئة من الأصوات أو ــ وهو تعديل جديد أدخل في هذه الانتخابات ــ على 35 في المئة مع فارق خمسة في المئة على أقرب منافسيه.
وحسب النتائج الرسمية الجزئية، نال المرشح اليميني الآخر الليبرالي ريزو، 20.3 في المئة من الأصوات، فيما نال المرشح «السانديني» المنشق جاركين 5.7 في المئة من الأصوات.
ومفارقة انتخابات هذه السنة كانت أن الجبهة المعادية لـ«الساندينيين» (نسبة لأوغوستو ساندينو الذي حارب الاحتلال الأميركي في الثلاثينيات)، التي هزمت أورتيغا ثلاث مرات متتالية في 1990 و1996 و2001، انشقت على نفسها.
وكالعادة في هذا البلد الصغير، وهو ثاني أفقر دولة في أميركا اللاتنية بعد هايتي، شهدت الانتخابات الرئاسية والنيابية في نيكاراغوا مشاركة كثيفة تخطت التوقعات، وقدرت بحوالى 75 في المئة من مجموع الناخبين.
وفيما أجمع المراقبون الدوليون، الذين يمثلون منظمة الدول الأميركية والمجموعة الأوروبية ومؤسسة «كارتر»، على اعتبار العملية الانتخابية «سلمية وكثيفة ومنظمة ومطابقة للقانون»، انفردت لجنة المراقبة الأميركية التي يترأسها السفير الأميركي، فور بداية الفرز، باعتبار أن الانتخابات سادتها «شوائب»، وهو ما أثار ردة فعل فورية من رئيس «المجلس الانتخابي الأعلى» الذي رأى أن الولايات المتحدة تحاول أن تصف الانتخابات بأنها «غير شفافة» وتحاول أن تضغط على باقي المراقبين في هذا الاتجاه بهدف تعطيلها.
وفي مؤتمر صحافي عقدته أمس، أكدت جمعية «الأخلاق والشفافية»، التي نشرت وحدها أكثر من نصف المندوبين الـ19 ألفاً، وجهة «المجلس الأنتخابي الأعلى»، مشيرة إلى أنه، حسب النتائج الكاملة غير الرسمية المتوافرة لديها نتيجة ما يسمى الإحصاء السريع، حصل أورتيغا على 38.5 في المئة من الأصوات ومونتي أليغري على 29.5 في المئة وريزو على أكثر من 24 في المئة وجاركين على 7.5 في المئة. ورأت المؤسسة غير الحكومية أن الشوائب الصغيرة التي حصلت لم تؤثر على النتيجة النهائية.
وبينما احتفل مناصرو أورتيغا في جميع أنحاء البلد طوال الليل، رفض مونتي أليغري التسليم بهزيمته، مؤكداً أنه ذاهب إلى الدورة الثانية.
وتخشى بعض التعليقات الصحافية التي صدرت في صحف في نيكاراغو امس أن تقوم الولايات المتحدة بمحاولة تعطيل الانتخابات «بعد أن تدخلت بشكل سافر طوال الحملة الانتخابية»، وهو ما أثار اعتراض رئيس «فريق مراقبي المجموعة الأوروبية».
ويذكر أن السفير الأميركي عقد اجتماعات فاشلة في محاولة لتوحيد صفوف المرشحين اليمينيين، إضافة إلى تهديده بسحب رؤوس الأموال الأميركية وبحجز تحويلات مواطني نيكاراغوا الذين يعملون في الولايات المتحدة في حال فوز دانيال أورتيغا.
ويرى هؤلاء المعلقون أن الإدارة الأميركية الحالية، وهي وريثة إدارة الرئيس رونالد ريغان التي موّلت «حرب الكونتراس» في الثمانينيات، تخشى أن توفر عودة أورتيغا إلى السلطة موطئ قدم للرئيس الفنزويلي هوغو شافيز الى أميركا الوسطى.
ويفسّر هؤلاء المحللون سخط الولايات المتحدة من فوز أورتيغا من الدورة الأولى، بأنها تعلم أنه لم يحقق هذه المرة نتائج أفضل من الدورات الانتخابية السابقة وأن فشله كان شبه مؤكد لو انتقلت المعركة الانتخابية إلى الدورة الثانية.