عاد الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، بعد يومين من صدور حكم بإعدامه لإدانته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في قرية الدجيل عام 1982، إلى المحكمة أمس لمواجهة تهم بالإبادة الجماعية للأكراد في الثمانينيات، في محاكمة منفصلة.واستأنفت المحكمة الجنائية العليا محاكمة صدام وستة من أعوانه في قضية حملة الأنفال على الأكراد، في الجلسة الـ21 للمحاكمة التي خصصت للاستماع الى مزيد من شهود الإثبات.
وعندما استدعاه القاضي، دخل صدام قاعة المحكمة مبتسماً وهادئاً وجلس على كرسي أمام القاضي محمد العريبي الخليفة، بينما لم يحضر فريق الدفاع الذي يقاطع منذ شهر جلسات المحاكمة احتجاجاً على قرار الحكومة إبعاد القاضي السابق.
وحضر الجلسة محامون كلفتهم المحكمة الاضطلاع بدور الدفاع. واستمعت المحكمة الى اقوال ثلاثة من شهود الإثبات سردوا بإسهاب معاناتهم إبان حملة الأنفال.
وروى أحد الشهود، ويدعى قاهر خليل محمد من قرية خرمات قرب دهوك، عمليات «إعدام جماعية» ارتكبها الجيش العراقي، خلال حملة الأنفال، بحق عدد من أقاربه وسكان قريته، مشيراً إلى أنه ضرب بالرصاص، لكنه نجا وتمكن من الهرب قبل أن يلقى القبض عليه مجدداً ويسجن لثلاث سنوات. واعترض الرئيس المخلوع على أقوال الشاهد قائلاً: «لا يوجد ما يؤكد ما يقوله».
ورأى صدام أن الشاهد «أخذ وقته في الإفادة وألقى باتهاماته على المجموعة الجالسة في قفص الاتهام ولم يحدد من المسؤول المباشر عن الحادثة». وأضاف: «يقولون ولا يوجد ما يدعم اقوالهم ولم يأتوا بقرينة تدعم ما يقولون».
كما حث صدام العراقيين العرب والأكراد للغفران والتصالح والتصافح.
وعندما حاول الادعاء العام تفنيد اعتراضات صدام على الشاهد، انبرى له القاضي العريبي، مانعاً إياه من مواصلة اعتراضاته. وقال له: «انا آسف أن امنعك من الاعتراض، لأن ما قاله صدام قانوني بحت، والمحكمة هي التي تقدر صحة الشهادة من عدمها إذا كانت اثباتاً أو نفياً».
وبعد الاستماع الى الشهود، رفع رئيس المحكمة جلسة المحاكمة على أن تستأنف اليوم.
في غضون ذلك، تواصلت ردود الفعل على حكم الاعدام الذي صدر في حق صدام، في قضية الدجيل.
وأعرب المتحدث باسم الحكومة الإيرانية غلام حسين إلهام امس عن أمله في أن يرحل «صدام حسين والمحتلون معاً عن حياة الشعب العراقي»، مشيراً إلى أن المنطقة ستكون أكثر أمناً من دون الوجود الأميركي والبريطاني فيها.
وقال إلهام، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي في طهران: «نأ‌مل تنفيذ الحكم العادل والصحيح والقانوني بحق مجرم العراق وجميع المجرمين وانتزاع الفرصة من الديكتاتوريين لارتكاب جرائم».
وتساء‌ل المتحدث الإيراني: «كيف سيكون مصير حماة جرائم صدام؟ إن الذين يرتكبون جرائم صدام ذاتها من خلال احتلالهم للعراق عليهم أن يدفعوا ثمن ارتكابهم لهذه الجرائم».
من ناحية أخرى، أعرب رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد أمس عن «صدمته» لصدور حكم الإعدام على صدام. وقال مهاتير، وهو عضو في اللجنة الدولية للدفاع عن الرئيس العراقي المخلوع: «لا يحق لمحكمة أنشأها أعداء صدام محاكمته». ووصف المحكمة بأنها «غير شرعية»، مشيراً إلى أنها أُنشئت لإثبات التهم الموجهة اليه».
واوضح مهاتير أنه إذا كانت التهم الموجهة الى صدام حقيقية، فيجب محاكمة الرئيس الاميركي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني طوني بلير بتهمة غزو العراق واحتلاله بشكل غير مشروع والتسبب بقتل 650 الف عراقي.
وتوقف محامون اردنيون عن العمل، في مبنى قصر العدل لمدة ساعة منتصف نهار امس، احتجاجاً على الحكم الصادر بحق الرئيس العراقي المخلوع، بناء على دعوة نقابة المحامين الأردنيين.
وقال نقيب المحامين صالح العرموطي، احد اعضاء هيئة الدفاع عن صدام حسين، لوكالة «فرانس برس»، ان «الاعتصام هو احتجاج وادانة مطلقة للاحتلال الاميركي والقرار الصادر بحق الرئيس صدام حسين، الرئيس الشرعي للعراق».
واشار العرموطي الى ان النقابة ستطالب في اجتماعات اتحاد المحامين العرب، التي ستعقد في 23 من تشرين الثاني الجاري في مراكش في المغرب، بـ«محاكمة المجرم بوش وتشكيل وفد الى الامم المتحدة لمقابلة (الامين العام للامم المتحدة) كوفي انان بهذا الخصوص».
ورأى المقرر الخاص حول استقلال القضاة في المفوضية العليا لحقوق الانسان في الأمم المتحدة لياندرو ديسبوي، في بيان اول من امس، ان صدام حوكم من قبل محكمة «لا تتمتع بالاستقلالية ولا بالحياد»، مشيراً إلى أنها «لم تجر في اطار قانوني مطابق للمبادئ الدولية لحقوق الانسان».
ودعا ديسبوي الى محاكمة صدام امام «محكمة دولية مستقلة وحيادية تتمتع بكل الضمانات التي تسمح لها بالحصول على دعم الامم المتحدة».
الى ذلك، وصف الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى امس حكم الاعدام في حق صدام بأنه «نهاية مأسوية للنظام العراقي»، آملا ألا ينعكس هذا الامر سلباً على الأوضاع الأمنية في العراق. ودعا موسى العراقيين الى «النظر للأمام والاستمرار في عملية المصالحة والوقوف امام كل المناورات التي تستهدف وحدة العراق».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، أ ب)