الحكم بإعدام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين ليس نهاية العملية القانونية، وقد تبقيه أيضاً عقبات سياسية بعيداً عن حبل المشنقة لبعض الوقت.ويقول مسؤولون أميركيون يعملون مع المحكمة العراقية العليا، التي ترعاها الولايات المتحدة، إن الإعلان بدقة عن موعد إعدام صدام «سابق لأوانه».
وكما حدث في كثير من إجراءات تلك المحكمة، أدلى مسؤولون بآراء متضاربة في شأن ما إذا كانت مهلة الثلاثين يوماً المحددة للدفاع والادعاء لتقديم دفوعهما إلى محكمة الاستئناف قد بدأت بالفعل أول من امس، عقب الحكم الذي أصدرته غرفة المحاكمة الأولى الأحد الماضي.
وأفاد بعض المسؤولين القضائيين بأن ساعة العدّ التنازلي ستبدأ فقط بعد أن تصدر الهيئة المكونة من خمسة قضاة حيثيات الحكم «مكتوبة» هذا الأسبوع في شأن سبب اجماعهم على إدانة صدام بارتكاب جرائم ضد الإنسانية لإصداره أوامر بمقتل أو تعذيب المئات في قرية الدجيل. وستعكف عندئذ الهيئة القضائية في محكمة الاستئناف، والمكونة من تسعة قضاة، على دراسة آلاف الصفحات من الأدلة، وهو ما قد يستغرق أشهراً. وعموماً، لا يستمع قضاة الاستئناف في العراق إلى شهود أو يعقدون جلسات. وفي إمكان محكمة الاستئناف إبطال الحكم وتغيير العقوبة أو تخفيفها إلى السجن مدى الحياة.
ومثل أي محكمة أخرى، يصعب التكهن بإجراءات محكمة الاستئناف. وانتقد بعض خبراء القانون الدولي كفاءة التحقيقات وغيرها من جوانب المحاكمة. غير أن رئيس فريق الدفاع عن صدام المحامي خليل الدليمي، قال بوضوح إنه يتوقع أن يخسر الاستئناف.
وقد يكون للسياسة أيضاً دور، رغم إصرار الزعماء العراقيين والرئيس الأميركي جورج بوش، الذي ألّفت إدارته المحكمة، على أنها مستقلة.
واضطر مسؤولون أميركيون، من بينهم المتحدث باسم بوش، إلى نفي التدخل السياسي من جانب واسنطن عندما أعلن الحكم قبل يومين من انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي. وقال أحد المراقبين للمحكمة، إن محامين أميركيين لا يزالون منخرطين عن كثب من وراء الستار. ونقل عن مصادر داخل المحكمة قولها إن الحكم في شأن طلب الاستئناف قد يصدر في مرحلة ما العام المقبل ليتزامن مع نهاية المحاكمة بتهمة الابادة الجماعية حتى يشعر الأكراد أيضاً، بأن شكاواهم استُمعت.
ومن بين الاعتبارات السياسية الأخرى، ردود الفعل العنيفة المحتملة على تنفيذ حكم الإعدام من جانب العرب السنة، الذين ينتمي إليهم صدام والذين يتصدر الكثيرون منهم عمليات مسلحة ضد حكومة بغداد.
ولفت أحد محامي الدفاع في المحاكمة الى أنه يعتقد أن الحكومة العراقية والولايات المتحدة قد تعرضان الرأفة بصدام ورقةَ تفاوض في محادثات مع المسلحين السنة.
لكنّ من غير الواضح إلى حد بعيد، إذا كانت حياة صدام تساوي ما يكفي لدى حلفائه من العرب السنة حتى تظهر في المفاوضات. كما أن تبرئة ساحته من شأنها إثارة ردود فعل بين الشيعة والأكراد.
وإذا تبنّت محكمة الاستئناف الحكم والعقوبة فسيتعين تنفيذها في غضون 30 يوماً.
غير أن محامين يشيرون إلى نقطتين غامضتين، أولاهما إذا كانت مهلة الثلاثين يوماً المحددة لتنفيذ الحكم تبدأ عند صدور حكم محكمة الاستئناف أو عند توقيع المجلس الرئاسي المؤلّف من الرئيس ونائبيه على حكم الإعدام. أما النقطة الثانية فهي إذا كان باستطاعة الرئيس ونائبيه وقف تنفيذ الحكم.
وأفاد مسؤول قضائي بأنه في ما يتعلق ببدء مهلة الثلاثين يوماً «يمكن حسابها بأي من الطريقتين». ولا مهلة محددة للمجلس الرئاسي للتوقيع على مذكرة الحكم. ورفض الرئيس العراقي جلال الطالباني، وهو كردي، التوقيع على مذكرات إعدام سابقة من حيث المبدأ وفوَّض سلطاته إلى نائبه الشيعي عادل عبد المهدي. وانتقد «الحزب الإسلامي» العراقي، الذي ينتمي إليه النائب السني للرئيس العراقي، طارق الهاشمي، الحكم ومن غير الواضح إذا كان سيوقّع مذكرة إعدام صدام.
غير أن محامين يشيرون إلى أن سلطة العفو التي تتمتع بها الرئاسة لا تشمل الجرائم ضد الإنسانية. وتقول قواعد المحكمة أيضا إنه لا يمكن الرئيس أن يمنح عفواً. ولذلك فلا يزال هناك متسع أمام الجدل القانوني والتأخير.
وذكر مسؤولون أميركيون أن صدام، الذي تحرسه قوات أميركية في مطار بغداد، سيسلم إلى العراقيين لتنفيذ حكم الإعدام، غير أن موعد ذلك التسليم غير محدد.
وبعد زيارة أخيرة محتملة من جانب أفراد الأسرة، يجري اقتياد المحكوم عليهم بالإعدام إلى غرفة الإعدام حيث ينفذ الحكم في حضور مسؤولين ورجل دين وطبيب.
(رويترز)