واشنطن ــ محمد دلبحالمشهد الأميركي ساده أمس الترقّب في انتظار إقفال صناديق اقتراع الانتخابات النصفية في الكونغرس، وظهور النتائج الأولية، التي ستحدد مسار ما بقي من ولاية الرئيس الأميركي جورج بوش، وترسم معالم هوية الرئيس المقبل

أدلى الناخبون الأميركيون، الذين يصل عددهم، وفق قوائم التسجيل، إلى 200 مليون ناخب، بأصواتهم في صناديق الاقتراع أمس، لتقرير من سيمثلهم في الكونغرس، مع ترجيحات واسعة بفوز الديموقراطيين بغالبية ضئيلة في مجلس النواب على الأقل.
وحث بوش، خلال إدلائه بصوته أمس، الأميركيين على الاقتراع. وقال، مازحاً في مركز الاقتراع في كروفورد في تكساس، «حزمت رأيي الى حد بعيد» بشأن اختيار المرشحين الذين سيعطيهم صوته.
وعندما خرج، قال بوش للصحافيين “اننا نعيش في مجتمع حر ولن تكون حكومتنا جيدة الا بقدر رغبة شعبنا في المشاركة. ولذا، فبصرف النظر عن ارتباطاتكم السياسية، أو ما إذا كنتم غير مرتبطين بحزب، أدوا واجبكم وادلوا بأصواتكم ودعوا أصواتكم تسمع”.
وتعرضت محاولة اللحظة الأخيرة، التي قام بها بوش لمساندة مرشحي حزبه في انتخابات الكونغرس لعثرة محرجة عندما تغيب المرشح الجمهوري في ولاية فلوريدا عن حضور الخطاب الذي يلقيه بوش لمساندته وسط استياء واضح من البيت الأبيض.
ويرى خبراء أن أكثرية ديموقراطية ضئيلة في مجلس النواب، حيث يحتاج الديموقراطيون إلى 15 مقعداً إضافة إلى ما يملكونه قبل الانتخابات، يعدّ بمثابة فشل، إذ إن سيطرتهم على المجلس ستكون بفارق عضو واحد، فيما ستتجه الأنظار إلى البيت الأبيض لمعرفة كيف يتصرف بوش في حال خسارة حزبه الجمهوري لأكثريته في الكونغرس.
وتشير صحيفة «نيويورك تايمز»، في تقرير لها، إلى أن انتخابات الكونغرس تأتي ومعها العديد من الأخبار السيئة، مثل الخسائر في المجال القضائي، وانخفاض واضح في الشعبية، إضافة إلى الوضع في العراق، الذي يعدّه بوش فرصته الوحيدة لتقوية عزيمته. أما الأخبار الجيدة، التي يعوّل عليها بوش فتتمثل في انخفاض معدل البطالة، والحكم على الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، وهما الأمران اللذان يراهما فرصة للزعم بأن سياسته في الداخل والخارج صحيحة.
ورغم ذلك، فإن بوش يواجه إمكان إعادة صنع المشهد السياسي في واشنطن، ويحاول البيت الأبيض الإيهام بأنه حتى إذا فاز الحزب الجمهوري في انتخابات الكونغرس فإن بوش على استعداد لتغيير وجهة رأيه والعمل بشكل منفتح بالعمل أيضاً مع الديموقراطيين.
وكانت التنبؤات تظهر أن بوش وحزبه الجمهوري يفقدان الشعبية بشكل غير عادي، غير أن انطلاق الانتخابات جاء مع استطلاعات تشير إلى وجود تقارب كبير في التصويت بين الديموقراطيين والجمهوريين على 20 مقعداً في مجلس النواب وثلاثة مقاعد في مجلس الشيوخ. لكن بعض الديموقراطيين يعتقدون أنهم سيحصلون على أكثرية مريحة نسبياً في مجلس النواب بشكل خاص.
وقال عضو الكونغرس السابق عن ولاية تكساس مارتن فروست أن الحزب قد يحصل على 30 مقعداً إضافياً في مجلس النواب، فيما يعتقد آخرون أن فوز الحزب فقط بـ14 مقعداً في مجلس النواب سيساهم في تقليل حجم التبرعات المالية التي يتلقاها.
وإضافة إلى ثلث أعضاء مجلس الشيوخ وكل أعضاء مجلس النواب، من المقرر أن تنتخب 36 ولاية أميركية حكامها. ويرجح المراقبون أن يحقق الديموقراطيون مكاسب في معركة قد يكون لها تأثير على انتخابات الرئاسة عام 2008 .
ويخوض الجمهوريون الذين يشكلون غالبية بين حكام الولايات الأميركية الخمسين المعركة من موقع الدفاع عن أرض مكتسبة في مواجهة الديموقراطيين، الذين رصد خبراء استطلاعات الرأي ميلاً نحوهم بشكل عام بين الناخبين.
والمخاطر عالية لأن الهيمنة على أعلى منصب في كل ولاية تحدد جدول أعمال القرارات السياسية على مستوى الولاية، وـمنح المرشح وحزبه ميزة ونفوذاً وأموالاً في عام انتخابات الرئاسة.
ومن بين 36 سباقاً، يدافع الجمهوريون عن 22 مقعداً، أما الديموقراطيون فيشغلون منصب حكام الولايات في 14 ولاية أخرى.
وعلى المستوى القومي، هناك 28 حاكم ولاية جمهورياً في مقابل 22 حاكماً ديموقراطياً. وتشير التوقعات الأولية إلى أن الديموقراطيين قد يكسبون أربع ولايات إضافية، وهذا ما يحقق لهم الغالبية. وتشمل الانتخابات تسع ولايات من بين أكثر عشر ولايات سكاناً. ومن المرجح أن تبقى كاليفورنيا، وهي أكبر الولايات، في يد الجمهوريين، بعدما أظهرت استطلاعات الرأي تقدم الحاكم الجمهوري أرنولد شوارزنيغر.
لكن من المرجح أن تنتقل نيويورك، وهي ثالث أكبر ولاية، من يد حاكم جمهوري الى حاكم ديموقراطي، مع ولاية أوهايو التي أدت دوراً هاماً في انتخابات الرئاسة عام 2004. كما من المرجح أن يفوز الديموقراطيون في سباق حكام ماساتشوستس وكولورادو وأركنسو وهي الآن في أيدي حكام جمهوريين.
أما ولاية فلوريدا فمن المرجح أن تبقى في يد الجمهوريين، رغم أن جيب بوش، شقيق الرئيس الأميركي الجمهوري جورج بوش، لا يخوض الانتخابات لأنه شغل المنصب فترتين.
من جهة ثانية، شارك الناخبون في مدن أميركية في التصويت على اقتراح غير ملزم يدعو إلى انسحاب فوري لقوات الاحتلال الأميركي من العراق.
وقال منظمو الاستفتاءات إنهم لا يتوقعون أن تؤدي النتائج إلى تحويل السياسة الأميركية، ولكنهم أضافوا أن النتائج قد تجعل المشاعر المتنامية المعارضة للحرب واضحة لصانعي هذه السياسة.