خيم هدوء حذر على الساحة المركزية في العاصمة القرغيزية بيشكيك امس، بعد الصدامات التي وقعت بين أنصار الرئيس كرمان بيك باكييف والشرطة من جهة، وأنصار حركة “من أجل الإصلاح” المعارضة، التي أعلنت إيقاف حملة الاحتجاج بعد التوصل إلى اتفاق على الإصلاحات الدستورية. وأعلن رئيس البرلمان مراد سلطانوف مساء امس ان “جماعتين من النواب من أنصار ومعارضي السلطات، توصلتا الى اتفاق على دستور جديد”، موضحاً انه ستجري مناقشة دستور جديد في جلسة خاصة للبرلمان اليوم. وأضاف “نأمل أن يوقع الرئيس على دستور جديد بما انه قال إنه مستعد للتسوية”.
ولم يصدر تصريح فوري من باكييف، الذي ظهر على التلفزيون في وقت سابق معلناً ان الادارة لا يمكنها ان تقف متفرجة على “هذه الفوضى” في بشكيك لفترة اطول، وهدد بحل البرلمان إذا لم يتم التوصل إلى حل سياسي لمطالب المعارضة بتغيير دستور البلاد، واصفاً ما يجري بأنه “عربدة”. لكنه أكد استعداده “لتسوية” ولتأليف “لجنة تفاهم” تضم ممثلي المعارضة والسلطتين القضائية والتنفيذية لإعداد قانون أساسي.
وكان زعيم حزب “قرغيز اركينديك”، الموالي لباكييف، توبتشوبيك تورغونالييف، قد دعا أنصار رئيس الدولة إلى التظاهر اليوم. وقال، أمام المتظاهرين المؤيدين للحكومة امس، ان “مئتي ألف متظاهر على الاقل سينزلون الى الشوارع غداً” الأربعاء.
وأصيب 35 شخصاً على الاقل خلال أحداث العنف امس عندما تراشق مئات المعارضين والمؤيدين لباكييف بالزجاجات والحجارة في ساحة العاصمة. وتدخلت شرطة مكافحة الشغب وأطلقت الغاز المسيل للدموع بين الحشود.
وقال النائب المعارض، الماظ عطاباييف، ان باكييف غيّر موقفه بعد اندلاع العنف بما يسمح بإبرام اتفاق على دستور جديد عند اجتماع اربعة نواب من المعارضة بأربعة من النواب المؤيدين للرئيس. وأوضح ان “النواب الموالين لباكييف فهموا بعد إطلاق النار ان البلاد تنجر الى الاتجاه الخاطئ”.
وكانت احتجاجات المعارضة في شوارع العاصمة القرغيزية للمطالبة باستقالة باكييف قد دخلت امس يومها السادس مع تجمع الآلاف في ميدان وسط المدينة، حيث تفاقمت الازمة منذ مسيرة جرت في الثاني من تشرين الثاني الجاري نظمتها حركة المعارضة وشارك فيها نحو عشرة آلاف شخص خرجوا الى الشوارع مما زاد الاحتمالات بتكرار الثورة، التي جرت العام الماضي وأطاحت السلطة في بشكيك، مع رفض الحكومة مطالب نواب المعارضة بتغيير الدستور، ووصفتها بأنها محاولة للاستيلاء على السلطة.
وتسعى المعارضة الى الحصول على تأييد ثلثي اعضاء البرلمان على الاقل، اي 51 من اصل 75 نائباً، لتبني مشروع دستور اتفقوا عليه الاسبوع الماضي مع باكييف، الذي لم يطرحه على التصويت في البرلمان، خلافاً لما وعد به، بل دان موقف نواب المعارضة ووصفه بأنه “اغتصاب للسلطة في البلاد”.
وكانت موسكو قد دعت في وقت سابق الى الهدوء وأعربت عن قلقها من الوضع في قرغيزستان. وجاء في بيان لوزارة الخارجية الروسية ان “روسيا، التي يهمها تطور قرغيزستان واستقرارها، تعوّل على ان تسود العقلانية على العواطف والتطلعات السياسية”.
ونقلت وكالة “ريا نوفوستي” عن المكتب الصحافي لباكييف قوله ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره القيرغيزي ناقشا الأزمة في مكالمة هاتفية.
وتواجه قرغيزستان صعوبة في تحقيق الاستقرار منذ “ثورة” آذار 2005 التي طردت الرئيس عسكر اكاييف وحملت باكييف الى السلطة. ومنذ ذلك الوقت، تتكثف الازمات والتظاهرات والاتهامات بالفساد ضد عائلة باكييف.
(الأخبار، ا ف ب، رويترز)