علي حيدر
دماء الأطفال والنساء ودموع أهالي الضحايا لا يمكن أن تخدج جبروت الكيان الصهيوني. وهي لم تفعل يوماً. فرئيس الوزراء إيهود أولمرت لن يوقف إطلاق قذائف المدفعية على قطاع غزة، ومجزرة بيت حانون، بالنسبة له، ليست سوى مجرد «خطأ فني من المدفعية الإسرائيلية».
ادّعى أن المذبحة تلك لا تمثل «النموذج للسياسة التي يعتمدها الجيش الإسرائيلي»، داعياً الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى عقد لقاء معه وإدارة مفاوضات سلام. قال «سيفاجأ عندما يجلس معي ويكتشف الى أي مدى نحن مستعدون للذهاب». اعتذر على نيران المدفعية في بيت حانون، لكنه أوضح «لن نوقف إطلاق قذائف المدفعية» على قطاع غزة.
وقدم أولمرت عرضاً لبعض المزايا التي يراها في أبو مازن. قال إنه «متصلب جداً في المفاوضات»، وأثنى عليه بأنه «وطني فلسطيني وليس إسرائيلياً» وبأنه «يكافح كالأسد من أجل المصالح الفلسطينية»، لكنه أيضاً «إنسان منطقي، يعارض الإرهاب» وإن كان «لا يمتلك القوة لمقاومة المنظمات الإرهابية والتغلب عليها»، مشيراً إلى أنه سبق أن قال له هذا الكلام 20 مرة.
وحرص أولمرت على الظهور كمن يحاول طرق كل الأبواب للتفاوض. قال «ما الذي ينبغي أن نفعله من أجل إقناعهم بالجلوس معنا والتفاوض وإيقاف إطلاق النيران ثم النيران ثم النيران. وفي هذه الحالة يمكن لهم أن يحققوا الازدهار».
وتطرق أولمرت أيضاً إلى المفاوضات حول قضية تبادل الأسرى، مشيراً إلى أنه «مستعد لإطلاق سراح الكثير من الأسرى كبادرة حسن نية، لكن لأبي مازن لا لحماس» في مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط.
وكجزء من محاولة الحفاظ على صورة المتشدد، وعلى أنه لم يرضخ في مواجهة الضغوط، قال «قبل خطف شاليط، التقيت (الملك الأردني) عبد الله، و(الرئيس المصري حسني) مبارك، و(رئيس الوزراء البريطاني طوني) بلير وقلت لهم أنا مستعد لتحرير أسرى. وأنا أقول اليوم للفلسطينيين: أنتم لا تعرفون ما هو عدد الأسرى الذي يمكن أن تحصلوا عليه لو أطلقتم سراح شاليط».
وفي ما يتعلق بالمسار السوري، قال أولمرت أنا لست ضد الاتفاق مع سوريا. لكنه ألقى المشكلة في المرمى السوري، ورأى أنه لا يمكن للرئيس السوري بشار الأسد أن يتحدث عن «المفاوضات والسلام» ويكون في الوقت نفسه «شريك إيران التي تدعو الى إبادة إسرائيل» ويقدم «الدعم لحزب الله وحماس وخالد مشعل والعمليات الإرهابية في الشرق الأوسط»، مشدداً على أن «هذين الأمرين لا يتحركان سوياً».
وأكد أولمرت أنه لن يحدد مسبقاً الثمن الذي ستقدمه إسرائيل لسوريا في حال إجراء مفاوضات سياسية بين الدولتين. وقال «أنا لست مستعداً كي أقول لك ما الذي ستتلقّاه مني. إسرائيل أثبتت في الماضي أنها مستعدة لصفقات جدية. لا ينبغي أن أفسر الأمور».
وفي هذا السياق، عبر نائب رئيس الحكومة شمعون بيريز عن اعتقاده بأن هذا هو الوقت الملائم لإسرائيل لمحاولة التوصل الى اتفاق. وأوضح أنه من غير الممكن التحدث مع «حماس» ولذلك ينبغي العمل بشكل غير مباشر عن طريق الرباعية ومصر، مشيراً إلى أنه «ينبغي أن ننظر كيف يمكن تحويل غزة من ساحة معركة الى ساحة مفاوضات».