بعد مرور سنتين على وفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات (أبو عمار)، لا يزال المسؤولون الفلسطينيون المقربون منه يؤكدون أن إسرائيل قتلته بالسم، فيما لم يعلن رسمياً حتى الآن عن السبب الحقيقي لوفاته.ويقول بسام أبو شريف، الذي عمل مستشاراً لعرفات لمدة 15 عاماً حتى وفاته، لوكالة “فرانس برس”: “حذرت عرفات شفهياً مرات عديدة، برسالة رسمية وجهتها له من أن إسرائيل تريد قتله بالسم”.
وأحضر أبو شريف الرسالة المؤرخة بتاريخ 5 حزيران 2002، التي كتب فيها “لدي معلومات من جهات ومصادر موثوقة جداً، أن إسرائيل تريد تسميمك. أرجو أن تحذر من الأكل والماء، ولا تشرب إلا من زجاجة تفتحها أنت بيدك ولا تأكل هذه الأيام إلا من معلبات مغلقة تفتحها أنت بيدك ويشتريها المخلص وصالحة زمنياً”.
ويظهر على الورقة تعليق عرفات بخط يده على الرسالة “هام وفوري وباليد للتوزيع”.
ويضيف أبو شريف: “أرسلت هذه الرسالة بناء على معلومات من صديق في واشنطن نقل إلي أن الرئيس الأميركي جورج بوش اتصل برئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك أرييل شارون وطلب منه ألا يمس الرئيس عرفات خلال حصار الجيش الإسرائيلي للمقاطعة في رام الله”. ويوضح أن “شارون أعطى بوش وعداً بذلك”.
وينقل أبو شريف عن صديق أجنبي له في القدس المحتلة “معلومات مؤكدة” مفادها أن “شارون قال للمجلس الوزاري المصغر إنه وعد بوش بأنه لن يمس عرفات. وأثناء خروج شارون ووزير الدفاع آنذاك شاوول موفاز من الاجتماع دار حديث ثنائي بينهما، إذ قال موفاز لشارون: أنت وعدت بألّا تقتل عرفات بالقصف، لكن هناك طرق أخرى وهذه فرصتنا”.
ويتابع أبو شريف رواية صديقه: “لم يعلق شارون ونظر إلى موفاز وقال له: لا اريد أي أصابع اتهام تشير إلى تورط إسرائيل بقتله، فأجابه موفاز: أكيد. فقال شارون: تصرف”.
ويقول أبو شريف: “أكرر، عرفات قتل بالسم، وأنا متأكد مئة في المئة من ذلك، مثلما قتلوا صديقي وديع حداد”.
وهذا ما أشار إليه أحمد عبد الرحمن، الذي ظل مستشاراً لعرفات ولازمه ثلاثين عاماً حتى وفاته. يقول: “أبو عمار قتل بالسم البطيء”. وأوضح أن “عرفات عانى من الأعراض نفسها قبلها بعام”، مشيراً إلى أن عرفات استقبل في 27 أيلول 2003 وفداً من نحو مئتي شخصية معظمهم من النساء، “وكعادته بدأ يصافح أعضاء الوفد ويقبلهم، لكنه شعر بألم شديد وتقيأ وطلب من مرافقيه أن يعيدوه إلى مكتبه”. وتابع أن “الرئيس مكث بعدها بالفراش نحو أسبوعين ونقص وزنه 13 كيلوغراماً وأصبحت قابليته للأكل ضعيفة جداً”.
وأضاف عبد الرحمن إن “الرئيس بدأ منذ ذلك الحين يتعب ويصاب بإرهاق وحالة فقدان توازن، وذاكرته بدأت تضعف وبدأ يعاني من أوجاع في أذنه اليمنى وظهرت قرب أذنه بقعة حمراء”. وأضاف: “هذا ما يجعلني أشك في أن السم كان بقبلة وعناق من أحد الزائرين قبله قرب أذنه”. وتابع عبد الرحمن: “هناك احتمال آخر أن يكون الإسرائيليون خلال الحصار، بدّلوا إحدى علب الأدوية، وليس الماء أول الأكل، الذي كنا نتناوله جميعاً”.
(أ ف ب)