القاهرة ــ الأخبار
في مفاجأة سياسية من نوع جديد، أعلن المفكّر الاقتصادي رئيس المكتب السياسي في حزب «التجمّع» المصري، الدكتور جودة عبد الخالق، استعداده لإعطاء صوته إلى الرئيس حسني مبارك كملك دستوري، في حال تحويل مصر إلى ملكية دستورية يؤدي فيها الملك دور الرمز، من دون أن تكون له سلطات.
الاقتراح صادم لكل القوى السياسية، وجديد على اقتراحات التغيير، فهذه هي المرة الأولى التي تطالب فيها معارضة يسارية بالعودة إلى نظام الملكية الدستورية على غرار بريطانيا.
لكن الاقتراح جاء نتيجة اليأس من التغيير، كما يبدو من كلام عبد الخالق أمام المؤتمر الـ42 لجماعة الإدارة العليا المنعقد حالياً في الاسكندرية تحت شعار «مصر الى أين؟».
وأشار عبد الخالق إلى أن «النظام غاشم وباطش، ووصل إلى مرحلة يحتاج فيها إلى إعادة هيكلة. كما أنه يضغط على المعارضة والمجتمع المصري من أجل ملف التوريث، الذي يثير مشاكل لم يعد هناك مجال لتحمّلها».
اقتراح من وحي العجز عن إقامة جمهورية برلمانية، هذا تقريباً ما قاله رئيس المكتب السياسى لـ«التجمّع»، مشيراً الى أن «إعادة هيكلة النظام لا بد أن تشمل الأزهر والكنيسة باعتبارهما الجناحين الدينيين للنظام».
وفي المؤتمر نفسه، وُجّهت انتقادات عنيفة إلى نظام مبارك، بينها ما قاله رئيس قسم العلوم الإسرائيلية في جامعة القاهرة، الدكتور حسن نافعة، من أن «رحلة الرئيس السابق أنور السادات باتجاه أميركا أوصلت مصر الى حالة عجز وهوان»، وأدت الى وضع أن «اسرائيل هي التي تمسك مصر»، أي تديرها عن بعد.
وفي هذا السياق، قال وكيل مؤسسي حزب الجبهة الديموقراطية، الدكتور أسامة الغزالي حرب، إنه «وفقاً لنظرية أن النظام السياسي هو الرأس والمجتمع هو الجسد، فإن النظام السياسي في مصر معتل وفاشل وسلطوي منذ 50 سنة».
زميله في تأسيس الحزب نفسه، الدكتور يحيى الجمل، قال من جهته «إننا نحكم حالياً بديموقراطية الحديد والسيراميك»، في إشارة إلى سيطرة بعض رجال الأعمال، الذين يحتكرون السياسة ومعها تجارة حديد التسليح.
أما في مؤتمر الإصلاح الدستوري، الذي عقدته لجنه الحريات في حزب «التجمّع»، فلم يكن النقد بالدرجة نفسها، ربما بسبب حضور أمين الإعلام في «الحزب الوطني» الدكتور عليّ الدين هلال. لكن كانت هناك دعوات من شخصيات مستقلة لإجراءات مثل العصيان السياسي، وإعلان الأحزاب من طرف واحد والدخول مع النظام في مرحلة صدام طويلة الأمد.
واتفق المشاركون في المؤتمر على ضرورة تغيير الدستور المصري، بما يضمن الفصل بين السلطات، وإقرار نظام انتخابي يسمح بحكم الشعب.
أما نقاط الاختلاف، فقد انتقد «الحزب الناصري» الموقف الرامي إلى تغيير المكتسبات الاشتراكية في الدستور، بينما تبنّى حزب «الوفد» الموقف الداعي إلى مزيد من حرية السوق، وأيّد نظام الجمهورية البرلمانية.
ودافع «الحزب الوطني» عن التعديل الجزئي للدستور في مواجهة اقتراح حزب «الغد» المتحمس لتغيير الدستور كلياً.
وفجّر «الإخوان المسلمون» مفاجأه عندما غازل عبد المنعم أبو الفتوح، عضو مكتب إرشاد الجماعة، الشيوعيين المصريين. وقال إنه «في ظل كبت الحريات ومناخ معاد للديموقراطية في النظام، لن يبقى على الساحة السياسية سوى الأحزاب العقائدية أي الشيوعيين والإسلاميين»، مشيراً إلى أنه «لو كانت هناك ديموقراطية في مصر لحصل الإخوان على 20 في المئة من مقاعد مجلس الشعب».
وهاجم الدكتور عليّ الدين هلال جميع الأحزاب. وقال «جئت لأسمع مقترحات، وأرى حلولاً للمستقبل، فلم أسمع سوى موجة النقد والهجوم على الحزب الوطني. وهي موجة لا تخلو من مبالغات كبيرة. ما قيل مثلاً عن التدخّل الأمني في الجامعات أنا شاهد عليه باعتباري أستاذاً في الجامعة، ولم أر التدخّل السافر، الذي تتكلمون عنه، هذا مجرد مثال».