القاهرة ــ خالد محمود رمضان
كان اجتماع وزراء الخارجية العرب فرصة لاتخاذ أول موقف عربي فاعل منذ فترة طويلة، كسروا خلاله القيود الدولية المفروضة على حكومة «حماس»، التي تعيش أصلاً أيامها الأخيرة

لم يخرج وزراء الخارجية العرب، على غير عادة اجتماعاتهم السابقة، ببيانات تنديد فقط خلال اجتماعهم في القاهرة أمس، إذ قرروا كسر الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني، والذي فرضه المجتمع الدولي بعد وصول حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى السلطة، كما سجّلوا خرقاً، بانتزاع موافقة وزير الخارجية في حكومة «حماس» محمود الزهار على مبدأ الأرض مقابل السلام.
وقرر وزراء الخارجية العرب، في ختام اجتماعهم الطارئ أمس، «كسر الحصار المفروض على الشعب الفلسطينى فوراً والطلب من المجتمع الدولي رفع كل إجراءات الحصار المفروضة على الشعب الفلسطيني».
وأوضح الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، أن كسر الحصار يعني «اننا لن نتعاون مع اجراءات متعلقة بفرض الحصار على الشعب الفلسطيني، وسيتعين علينا تحويل الأموال والمساعدات الطبية الى الفلسطينيين». وأضاف: «سترسل الأموال من دون الالتزام بأي قيود توضع على البنوك، والبنوك العربية يجب أن تحول الاموال».
وقال الزهار للصحافيين في ختام الاجتماع، إن قرار كسر الحصار «بالغ الاهمية وسنتكئ عليه من اجل رفع الحصار الدولي». وشدّد على أن قرار رفع الحصار «سيسهّل تأليف حكومة وحدة وطنية فلسطينية». لكنه أضاف أن تنفيذ القرار العربي برفع الحصار «سيأخذ بعض الوقت»، مشيراً إلى أن الوفد الفلسطيني «فشل» في الحصول على موافقة الوزراء على طلبه بفتح معبر رفح من دون انتظار موافقة اسرائيل.
وطالب الوزراء، في بيان ختامي، «الأطراف الفلسطينية كافة بالإسراع في تأليف حكومة وحدة وطنية»، و«بإطلاق الاسرى الفلسطينيين فوراً، والإفراج الفوري عن اعضاء الحكومة والمسؤولين الفلسطينيين وإطلاق الجندي الاسرائيلي» الاسير جلعاد شاليط.
وقال وزير الخارجية القطري، حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، إن وزير الخارجية الفلسطيني «وافق» على ورقة تقدمت بها بلاده خلال الاجتماع تدعو الى تهدئة أمنية شاملة في مقابل اطلاق شامل للأسرى وإطلاق الجندي الاسرائيلي الأسير.
واتهم الوزير القطري «أطرافاً عربية» بأنها «تحاول، بالاتفاق مع الإسرائيليين، تغيير الواقع في الأراضي الفلسطينية»، من دون مزيد من الإيضاحات. ودعا إلى التزام عربي جماعي «بالمواقف المعلنة».
وأعرب الوزراء العرب في بيانهم، عن «الاستياء البالغ لاستخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار العربي في مجلس الأمن»، ورأوا أنه «يمثّل موقفاً غير ودي إزاء الدول والشعوب العربية... ورسالة تشجيع لاسرائيل على مواصلة عدوانها».
كما طالبوا «بإجراء تحقيق دولي بشأن مجزرة بيت حانون والانتهاكات الاسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، وإرسال قوات دولية لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني». وقرّروا «الدعوة إلى عقد دورة طارئة لمجلس حقوق الإنسان لبحث الانتهاكات الاسرائيلية ضد الفلسطينيين».
كما دعا الوزراء الى عقد مؤتمر للسلام وفق قرارات الشرعية الدولية ومبدأ الارض مقابل السلام، وهو ما وافق عليه الزهار. ويضم المؤتمر «الاطراف العربية وإسرائيل والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن للتوصل إلى حل عادل وشامل للصراع العربي ــ الاسرائيلي على المسارات كلها».
وقال اعضاء وفود عربية شاركت في الاجتماع، إن الزهار طلب ايضاحات بشأن الفقرة التي وردت في قرار الوزراء، إلا أنه لم يعترض عليها. وأضاف عضو في وفد عربي، أن بعض الوزراء أفهموا الزهار أن القرار هو موقف عربي تقليدي من عملية السلام ولا يمكن تجاهله.
المعلم
بدوره، شدد وزير الخارجية السوري وليد المعلم، على أن بلاده «جاهزة لحوار مع الولايات المتحدة من أجل تحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط».
وردّاً على سؤال عما إذا كانت سوريا مستعدة لصفقة مع الولايات المتحدة تتعهد بمقتضاها المساعدة على استقرار الاوضاع في العراق في مقابل تسوية للصراع مع اسرائيل تكفل انسحابها من هضبة الجولان المحتلة، قال المعلم «نحن لا نعقد صفقات.. نحن نسعى الى سلام عادل وشامل وفق مرجعيات الامم المتحدة، ونحن ندعم العملية السياسية في العراق والحكومة العراقية ونقف ضد إراقة اي قطرة من الدم العراقي».
وعجز وزراء الخارجية العرب، الذين تغيّب أكثر من نصفهم، عن الاتفاق على موقف فاعل بشأن وقف عمليات التطبيع السرية والعلنية مع إسرائيل.
وقالت مصادر شاركت في الاجتماع، إنه جرت محاولة على استحياء لطرح فكرة استدعاء سفراء الدول العربية التي تقيم علاقات مع إسرائيل، والتي سبق مناقشتها خلال اجتماعين متلاحقين على مستوى المندوبين الدائمين للدول العربية لدى الجامعة، إلّا أن هذه المحاولة لقيت على الفور تحفظات من الدول ذات العلاقة، وخصوصاً مصر والأردن وموريتانيا.
صلوخ
وكان وزير الخارجية فوزي صلوخ قد قال في كلمته التي ألقاها نيابة عنه رئيس فرع الشؤون العربية في وزارة الخارجية اللبنانية بسام نعماني، إن «القضية واحدة من لبنان إلى فلسطين، وإن الدم العربي واحد، والمشكلة أساسها الاحتلال، وإن ما تفعله إسرائيل هو محاولة لترويضنا قبل أن تقبل بالتفاوض، هذا إن أرادت حقاً السلام».
وأشار صلوخ إلى أن «الصراع العربي ــ الإسرائيلي يعاني غياب إرادة دولية جادة ونزيهة ومستمرة للتأثير في القرار الإسرائيلي لدفعه إلى السلام الحقيقي»، مشدداً على قصور المساعي العربية في ما يتعلق بالتأثير على القرار الدولي. وأضاف أنه «لا بد من تفعيل لجنة المبادرة العربية للسلام واستمرار الضغط والمراجعة، ومحاولة الإقناع وفق آلية جماعية تتفق عليها جميع الأطراف العربية للتأثير في المجتمع الدولي».