تناولت صحيفة الـ«نيويورك تايمز» الأميركية أمس، سياسة الإنجيليين في الولايات المتحدة، التي تتلخص بالعمل على دعم إسرائيل ومخططاتها، عبر التأثير على مواقع القرار في أميركا، لحثها على التأييد المطلق للدولة العبرية، التي يعد دعمها، من وجهة نظرهم، ضمن «سياسة الله الخارجية». ويروي الكاتب ديفيد كيركباتريك أنه، في وقت كانت القنابل الأميركية تنهمر على لبنان في الأسبوع الثاني من حرب تموز الأخيرة، وصل مؤسس الكنيسة الإنجيلية في سان أنطونيو جون هاغ إلى واشنطن، برفقة 3500 إنجيلي، من أجل المؤتمر الأول لمنظمته المؤسسة حديثاً، «مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل».
وفي عشاء حضره السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، ومجموعة من السيناتورات الجمهوريين وزعيم الحزب الجمهوري، وبعد نقل تحيات الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت، أبلغ هاغ الحضور رسالة طالبهم فيها بإبلاغ ممثليهم في الكونغرس الأميركي أن يتركوا إسرائيل تقوم بعملها في تدمير حزب الله، مشيراً إلى أن تلك الحرب هي «معركة بين الخير والشر»، ومشدداً على أن دعم إسرائيل هو «سياسة الله الخارجية».
وفي اليوم التالي، نقل هاغ الرسالة نفسها إلى البيت الأبيض، وجاء فيها: «كل مرة كان هناك رحلة طيران خلال الخمسين سنة الأخيرة، ترسل وزارة الخارجية أحدهم ليدعو إلى وقف إطلاق النار. الإرهابيون يرتاحون ثم ينتقمون ... التهدئة لم تساعد الشعب اليهودي».
ويقول هاغ إن نائب مستشار الأمن القومي الأميركي إليوت ابرامز، الذي التقاه، أيده بشدة.
إلا أن موظفي الإدراة الأميركية، قالوا، بحسب الكاتب، إن «الاجتماع مع هاغ جاء في إطار التحالف السياسي وإنه ليس للفلسفة الدينية الإنجيلية تأثير على القرار السياسي الأميركي».
من ناحية أخرى، يقول كيركباتريك، إنه، تماشياً مع مواقف الحكومة الإسرائيلية، يركز العديد من المسيحيين الإنجيليين على «مجرم جديد»، وهو الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وخاصة مع دعواته المتكررة إلى القضاء على إسرائيل وإنكاره لمحرقة «الهولوكست». ويصف هؤلاء الإنجيليون نجاد بـ«التهديد المميت» لإسرائيل.
ويقول هاغ إن تعليقات نجاد على إسرائيل والمحرقة «شكلت جزءاً من دافعه لتأسيس منظمته (مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل) العام الماضي». ويشير إلى أنه، منذ الحرب مع حزب الله، يقوم بعمل كل ما يمكن للحفاظ على الضغط على المسؤولين الأميركيين من أجل تشددهم مع إيران.
وعندما اجتمع حوالى 5000 إنجيلي، الشهر الماضي، لإحياء «ليلة لتكريم إسرائيل» في كنيسته في سان أنطونيو، حضر موضوع الرئيس الإيراني بقوة، بحسب الكاتب الذي يضيف إن هاغ قارن نجاد بفرعون مصر، قائلاً إن «فرعون هدد إسرائيل وانتهى به الأمر طعاماً للسمك»، فصفَّق له الحضور بشدة.
ويقول جايمس دوبسون، أحد أكثر المسيحيين المحافظين تاثيراً، إنه انزعج كثيراً لدى سماعه أن مجموعة الدراسات بشأن العراق والمؤلفة من شخصيات يترأسها وزير الخارجية الجمهوري السابق جيمس بيكر والنائب الديموقراطي السابق لي هاملتون، التي يتوقع الكشف عن توصياتها بعد أسابيع، قد توصي بالتفاوض مع إيران في شأن مستقبل العراق. ويوضح: «شعرت بهذا الخبر الشعور نفسه الذي قد يثيره سماع أن البريطانيين يتفاوضون مع ألمانيا، وإيطاليا، واليابان لإنهاء الحرب العالمية الثانية».
وعبَّّّر دوبسون وإنجيليون آخرون عن خيبة الأمل مما اعتبروه «ضغط إدارة بوش على إسرائيل لتوقيع وقف إطلاق النار الذي أنهى الحرب» على لبنان.
ويقول دوبسون: «بدأوا بالقول إنهم سيتشددون، عبر إعلانهم أنهم سيقومون بدعم إسرائيل، لكنهم انتهوا بحث الإسرائيليين على القيام باتفاق والعودة الى بيوتهم». ويضيف: «كل ما سيؤدي اليه هذا الأمر هو السماح للجميع بإعادة تعبئة القوى. لم يحلّوا أي شيء».
ويذكر الكاتب أن الحكومة الإسرائيلية وحلفاءها الأميركيين يقومون بتأسيس تحالف بينهم منذ عقود، مشيراً إلى أن المسؤولين الإسرائيليين يعملون مع هاغ وكنيسته منذ حوالى 50 سنة، عندما التقى مرات عديدة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك مناحيم بيغن.
ويعود تاريخ الزواج المقدس الجمهوري ــ المسيحي الى عام 1979، عندما بدأ اليمين المسيحي يعي الطاقات الانتخابية الكامنة لدى جمهوره، الذي امتنع في السابق عن الانخراط في السياسة خشية إفساد الكنيسة. وبلغت العلاقة ذروتها في الانتخابات الرئاسية لعامي 2000 و2004.
لكن استطلاعات الرأي كشفت قبل الانتخابات النصفية الأخيرة، التي جرت في السابع من الشهر الجاري، أشارت الى تراجع دراماتيكي في دعم الانجيليين للجمهوريين. وبحسب أحد الاستطلاعات، أعرب 54 في المئة فقط من الناخبين الإنجيليين عن دعمهم لمرشحي «الحزب الجمهوري» للكونغرس، مقابل 38 في المئة قالوا إن أصواتهم ستذهب لخصومهم الديموقراطيين.
(الأخبار)