بول الأشقر
تتجه العلاقات الدبلوماسية بين الأرجنتين وإيران إلى مرحلة جديدة من التوتر، قد تؤدي إلى قطعها، بعد خمسة أيام من تبني القضاء الأرجنتيني توصيات المدعي العام في ما يتعلق بتفجير المركز اليهودي في بوينس آيرس عام 1994 واتهام مسؤولين إيرانيين سابقين بالتخطيط والتنفيذ لهذا الهجوم الذي أدى إلى مقتل 87 أرجنتينياً وجرح المئات.
وفيما رحبت الطائفة اليهودية، الأكبر في أميركا اللاتينية، والولايات المتحدة وإسرائيل بقرار القاضي، ونددت به تنظيمات إسلامية وحلفاؤها من اليساريين، الذين ينوون تنظيم تظاهرة اليوم (غداً) في بوينس آيرس، توجه أول من أمس الوزير المعاون في شؤون الإسكان لويس ديليا إلى القنصلية الإيرانية برفقة ممثلين عن الطائفة الإسلامية ليعبروا عن تضامنهم مع إيران.
وأصدر ديليا بياناً رأى فيه «أن القرار القضائي ملوث بظروف عالمية لا تمت بصلة إلى البحث عن الحقيقة. وأن كشف مرتكبي الجريمة هو مسؤولية أرجنتينية محضة... فيما يبدو أن هم الولايات المتحدة وإسرائيل الأوحد هو أن تقطع الأرجنتين علاقاتها مع إيران، لا الوصول إلى الحقيقة والمجرمين».
وعلى أثر صدور هذا البيان، طلب وزير مقرّب من الرئيس نيستور كيرشنير من ديليا الاستقالة من منصبه، فيما طلب الأخير لقاء من الرئيس لتوضيح موقفه.
وكانت الأزمة قد بدأت الخميس الماضي، عندما قبلَ القاضي رودولفو كانيكوبا كورال توصيات المدعي المكلف بالملف، ألبرتو نيسما، وأضاف إلى لائحة الاتهام اسم السفير الإيراني السابق هادي سليمانبور، وصنّف الانفجار بأنه «جريمة ضد الإنسانية».
ويرتكز الادعاء الأرجنتيني على شهادات ستة معارضين إيرانيين يدّعون أن قرار التفجير أخذ في اجتماع أمني عقد في مدينة مشهد عام 1993، رداً على فسخ أحادي الجانب من قبل الرئيس الأرجنتيني السابق كارلوس منعم لاتفاق تعاون نووي مع إيران.
ومع أن الشهود الستة كانوا خارج إيران منذ سنوات عند انعقاد هذا الاجتماع، رأى القاضي «شهاداتهم متماسكة». أما في ما يخص السفير، فقد قال القاضي إن توّرط السفارة يفرض معرفة السفير بالأمر، وهو ما يوجب ضمه إلى لائحة الاتهام.
إلا أنه سبق واعتقل السفير في لندن عام 2002 بطلب من القاضي الأرجنتيني السابق غاليانو، وأفرج عنه لـ«ضحالة البراهين». ويذكر هنا أن البراهين التي يرتكز عليها الملف مجدداً قائمة على تقارير من الاستخبارات الأرجنتينية والإسرائيلية والأميركية، وهو ما يصعب عملية اعتمادها أمام القضاء.
ويرى القاضي الحالي أن في الملف عناصر كافية للادعاء على المسؤولين الإيرانيين وعلى طلب مثولهم، وإن لم يكن بالضرورة لإدانتهم.
بعد قرار القاضي، ستحول الخارجية الأرجنتينية طلبات الجلب إلى الإنتربول، في ما ينذر بتدهور العلاقات بين البلدين. وهي تطال عدداً من المسؤولين الإيرانيين الحاليين، بينهم الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني.
وحتى الآن، تتحاشى الخارجية الأرجنتينية التعليق على هذا الاحتمال وتركز على أنها تتمنى التعاون الإيراني مع القضاء.