القاهرة ــ خالد محمود رمضان
بوادر تأزّم تلوح في أفق المشاورات الفلسطينية لتأليف حكومة وحدة وطنية، ولا سيما في ظل مواقف رفض الاعتراف من “حماس”، وهو ما قابلته القاهرة، بوجود الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بموقف أكثر تشدداً

أعلنت القاهرة أمس موقفاً متشدداً من الحكومة الفلسطينية المرتقبة، ودعتها إلى اتخاذ مواقف مغايرة عن مواقف الأطراف داخلها، في إشارة غير مباشرة إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي كانت قد أعلنت أول من أمس رفضها اعتراف الحكومة بإسرائيل، في وقت اجتمعت فيه اللجنة الرباعية الدولية في العاصمة المصرية لبحث استئناف تقديم المساعدات إلى الحكومة الفلسطينية، إلا أنها لم تخرج ببيان ختامي، ما يؤشر إلى الترقّب الدولي لما ستسفر عنه المفاوضات الفلسطينية.
وقال المتحدث الرئاسي المصري سليمان عواد، بعد اللقاء الذي جمع الرئيس المصري حسني مبارك ونظيره الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) في القاهرة، إن «حكومة الوحدة الوطنية ينبغي أن تعبّر عن مواقف مختلف الفصائل الفلسطينية في الداخل والخارج». وشدد على أنه اذا كان المقصود من تأليف حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية «رفض ما سبق ان رفضته حكومة حماس، فليس هناك مبرر للدخول في مشاورات مكثفة لتأليف حكومة وحدة وطنية فلسطينية».
وأوضح عواد ان الرئيس المصري دعا الفلسطينيين الى «التحدث بصوت واحد»، مشدداً على أن «التهدئة والمواقف المتوازنة والكلمة الواحدة هي التي تؤدي إلى وضع جهود السلام على الطريق الصحيح».
بدوره، قال عباس، للصحافيين، إن الحكومة الفلسطينية الجديدة سوف «يكون لها أجندة عمل جديدة»، موضحاً أنها ستلتزم اتفاقيات الحكومات الفلسطينية السابقة.
كما بحث عباس، من جهة أخرى، مع الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى تطورات الأوضاع على الساحة الفلسطينية وكيفية التحرك العربي والفلسطيني في الفترة المقبلة.
وعبّر موسى عن رفضه طلب «اللجنة الرباعية» من الدول العربية التمهل في قضية رفع الحصار، حتى يجري تأليف حكومة فلسطينية جديدة. وقال إن «التمهّل يعني التجميد، وهذه مسألة غير مقبولة وغير عملية، وأثرها ضار على الجميع، من ناحية أخرى لا يمكن الوسطاء أن يقبلوا عملية تجويع للشعب الفلسطيني وهذا هو جوهر قرار وزراء الخارجية العرب بكسر الحصار عن الشعب الفلسطيني».
وشدّد موسى على رفض الجانب العربي للأسلوب الدولي، الذي يجري التعامل به مع القضية الفلسطينية والنزاع العربي الاسرائيلي، مشيراً إلى أن العرب غير مرتاحين للطريقة التي تعوّق عمل مجلس الأمن الدولي للقيام بدوره.
وأشار موسى إلى أن الوضع في المنطقة لا يحتمل السكوت أو السير في دوائر مفرغة. وقال إن المباحثات، التي أجراها مع مسؤولى الامم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي المعنيين بملف عملية السلام في الشرق الاوسط، تؤكد الحاجة إلى تحرك جدي وسريع.
إلى ذلك، اختتمت اللجنة الرباعية الدولية المعنية بعملية السلام المجمدة على المسار الفلسطيني الاسرائيلي أعمالها أمس في مقر إقامة السفير الروسي فى القاهرة بمشاركة ممثلين عن الاتحاد الروسي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة.
ولم تصدر اللجنة بياناً صحافياً كان متوقعاً فى ختام عملها. وترأّس الوفد الروسي نائب وزير الخارجية الروسي الكسندر سلطانوف، فيما مثّل الجانب الأميركي مساعد وزير الخارجية ديفيد ولش، والاتحاد الأوروبي مبعوث عملية السلام مارك اوتي والأمم المتحدة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للشرق الأوسط الفارو دي سوتو.
وتناولت الاجتماعات دعوة الرئيس الفلسطيني إلى مناقشة المجازر الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني والتطورات المتسارعة في الشرق الأوسط في ضوء قرار وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الطارئ الأحد الماضي، الذي قرر فك الحصار المفروض على السلطة الفلسطينية.
وقال دي سوتو، للصحافيين عقب الاجتماع، إن “المأساتين الأخيرتين (القصف المدفعي الإسرائيلي لبيت حانون الفلسطينية وإطلاق الصواريخ الفلسطينية على بلدة سيدروت الاسرائيلية) كانتا في أذهان الجميع”. أضاف “إن الكل ينتظر بأمل كبير نتائج الجهود التي يقوم بها الرئيس الفلسطيني لتأليف حكومة متفق عليها مع حماس، يستطيع المجتمع الدولي التعامل معها”.
وشدد اوتي، لوكالة “فرانس برس”، على أن أحد الموضوعات الرئيسية على جدول أعمال اجتماع الرباعية هو “كيفية الرد على تأليف حكومة الوحدة الوطنية”، مضيفاً إن “هذا الرد مهم للغاية لانه لا معنى لتأليف هذه الحكومة ما لم يؤد الى رفع الحصار” عن الفلسطينيين.
كما بحثت اللجنة الرباعية الدولية إمكان مشاركة الدول العربية بشكل اكبر في جهود إحياء عملية السلام. وقال دي سوتو إن اجتماع الرباعية “ناقش وسائل ضمان مشاركة عربية اكبر واكثر تنظيماً” في جهود إحياء عملية السلام.
لكن الموفد الاوروبي للشرق الاوسط قال إن “المطروح ليس ضم أطراف عربية إلى اللجنة الرباعية”. ورداً على سؤال عن المبادرات المطروحة لعقد مؤتمر دولي حول الشرق الأوسط، قال اوتي “ينبغي توخي الحذر مع الأفكار الجديدة، وخصوصاً اذا كانت وسائل تنفيذها غير واضحة”.
من جهة ثانية، اتهم متحدثون باسم فصائل فلسطينية في قطاع غزة إسرائيل بوقف المفاوضات في شأن صفقة تبادل أسرى يجري من خلالها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير في القطاع جلعاد شاليط.
ونقلت صحيفة “هآرتس” عن المتحدث باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، إنه بعد حصول تقارب بين الجانبين، تراجعت إسرائيل عن بعض ما جرى الاتفاق عليه لذلك توقفت المحادثات وليس هناك تقدم في القضية.
أضاف إن إسرائيل رفضت السماح للفصائل بتحديد هوية الأسرى الذين سيطلق سراحهم “وهي ستتحمل مسؤولية ذلك”.
وقال المتحدث باسم حركة “حماس”، إسماعيل رضوان، إن المفاوضات في شأن شاليط توقفت بسبب تعنت الطرف الإسرائيلي وعدم استجابته لمطالب الفصائل الفلسطينية وإن الحكومة الإسرائيلية غير معنية بإطلاق سراحه.