موسكو ــ حبيب فوعاني
يبدو أن الرئيس الأميركي جورج بوش يعمل على عقد صفقة مع روسيا يسهل بموجبها انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية في مقابل تساهلها مع فرض عقوبات على إيران. على الأقل، هذا ما ظهر من خلال “لقاء الترانزيت” الذي عقده بوش مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في مطار “فنوكوفو ــ2” الرسمي في العاصمة الروسية، قبل توجهه إلى سنغافورة في جولة آسيوية تشمل فيتنام وإندونيسيا.
وذكر السكرتير الصحافي للرئيس الروسي، أليكسي غروموف، أن بوتين وبوش، اللذين اجتمعا بحضور عقيلتيهما، قد ناقشا “مختلف قضايا العلاقات الثنائية، وأيضاً المشكلات الدولية الراهنة، مع التركيز على المشكلة النووية الإيرانية وكذلك الوضع في الشرق الأوسط”. وأضاف إن الرئيسين أفلحا أيضاً في تبادل الآراء بشأن مشكلة منع انتشار الأسلحة النووية بشكل عام، مشيراً إلى أن “الزعيمين أكدا الاستعداد لتوقيع بروتوكول ثنائي حول انضمام روسيا إلى منظمة التجارة العالمية”.
وقال مصدر رفيع المستوى في الكرملين إن توقف طائرة الرئيس الأميركي في مطار موسكو هو “هبوط تقني ذو مغزى سياسي”.
يشار إلى أن المراقبين ألمحوا أمس إلى أن بوش كان يستطيع التزود بالوقود في أي مطار آسيوي أو أوروبي، وأن مطار «فنوكوفوــ2» الموسكوبي هو أقل ملاءمة لذلك. وفي حقيقة الأمر، فإن توقف بوش في موسكو قبل ثلاثة أيام من لقائه مع بوتين في قمة دول منطقة المحيط الهادئ الآسيوية التي تعقد مطلع الأسبوع المقبل، وبعد أربعة أيام من لقاء الرئيس الروسي بأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني في موسكو، لا يكفي لإجراء مباحثات معمقة بين الجانبين، ولكنه يكفي لتنسيق المواقف من بعض القضايا الدولية وأهمها البرنامج النووي الإيراني.
ويريد بوش من بوتين، بحسب تأكيد المصادر الدبلوماسية في موسكو، التأكد من تشديد الموقف الروسي من إيران قبل توقيع البروتوكول الثنائي الأميركي ــ الروسي حول انضمام روسيا إلى منظمة التجارة أثناء حضور قمة هانوي.
وكانت الأوساط السياسية الروسية تردد أن “أميركا مدينة لروسيا”، وأن قائمة طويلة من “الأعمال الخيرة” قام بها الكرملين لمصلحة البيت الأبيض، وأن موسكو توقعت في المقابل على الأقل أن تلغى القيود المفروضة على التجارة الروسية في أميركا، وأن يُوَقَّع بروتوكول دخول روسيا إلى منظمة التجارة العالمية، التي تجري روسيا المفاوضات بشأن انضمامها إليها على مدى 13 عاماً.
ويبدو أن الإدارة الأميركية رأت أخيراً أن من الأفضل البدء بتسديد ولو جزءاً من “الفاتورة الروسية”، وفي الوقت نفسه فهي تريد تحويل ورقة الضغط الروسية في يد الديموقراطيين في الكونغرس، الذين يركزون دائماً على مسألة الحريات وحقوق الإنسان في روسيا، إلى ورقة رابحة في يد “البطة العرجاء” الأميركية، هذا طبعاً إذا كان بوش قد نجح في إقناع الرئيس الروسي بتشديد موقفه من المسألة الإيرانية.