strong>صفحة جديدة على وشك البدء بين سوريا والعراق، بعد تاريخ طويل من التأزّم بين البلدين منذ عهد الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، وما تلا ذلك من اتهامات لدمشق بدعم المقاومة العراقية
استهل وزير الخارجية السوري وليد المعلم زيارته التاريخية إلى العراق أمس بالدعوة إلى جدول زمني لانسحاب القوات الأميركية من هذا البلد، باعتباره مدخلاً لتراجع العنف، مشدداً على حرص دمشق على إقامة علاقات طبيعية مع بغداد.
وقال المعلم، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي هوشيار زيباري، إن “سوريا تؤيد الحكومة المنتخبة وخطة المصالحة الوطنية ووحدة العراق، وتعتقد أن تحديد جدول زمني لانسحاب قوات الاحتلال الأميركية سيؤدي إلى تراجع العنف في العراق”.
أضاف المعلم “أقول للعراقيين على اختلاف مكوّناتهم إن سوريا معنية جداً بكل ما يهم شعب العراق، بدءاً بالامن والاستقرار وانتهاء بإعادة البناء وتحقيق الازدهار”، مؤكداً أن سوريا “التي تؤلمها كل قطرة دم عراقية تراق، تكرر إدانتها لجميع الأعمال الإرهابية التي وقعت وتقع في العراق وتُلحق الأذى بالشعب العراقي ومؤسساته”.
وشدد المعلم على أن “نيات سوريا تجاه العراق لم تكن في أي وقت من الأوقات، إلا نيات خير ومحبة، وعلى هذا الأساس فإننا نتطلع إلى علاقات سورية عراقية ثنائية تأخذ بالاعتبار العمق التاريخي للعلاقة بين البلدين والمساحة الواسعة للمصالح المشتركة”.
وأوضح المعلم أنه لا يزور العراق بضغط أميركي. وقال «لم آت إلى العراق لأرضي جهة أخرى، لكن لإرضاء شعبَي العراق وسوريا». أضاف، رداً على سؤال، “لا يمكننا ضبط الحدود مئة في المئة من طرف واحد”.
أما زيباري فقال، من جهته، إن “العراق يأمل إعادة العلاقات مع سوريا”. أضاف إنه “ليس من المتوقع حل جميع المشاكل في آن واحد، لكن سيكون هناك المزيد من الزيارات”، مشيراً إلى أن “أمن العراق واستقراره قضية تهم سوريا والدول المجاورة، وأن من المهم أن يؤيدوا الحكومة العراقية ويكافحوا الإرهاب”. وتابع “نحن متفائلون جداً بهذه الزيارة، فهناك توجه إيجابي وبنّاء من القيادة السورية”.
وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ إن المسؤولين سيضغطون على المعلم لبذل المزيد من الجهود لمنع مقاتلي القاعدة من دخول العراق، وتجفيف منابع التمويل عن أنصار صدام حسين والتوقف عن إيواء البعثيين.
وقال النائب عن الائتلاف العراقي الموحد، باسم شريف، إن “زيارة المعلم هدفها تحسين العلاقات بين البلدين، إضافة الى بحث قضايا الامن والحدود، وخصوصاً إثر اتهامات الحكومة العراقية السابقة لسوريا بمساعدة تسلل الإرهابيين وإيوائهم”. وأعرب عن اعتقاده بضرورة “فتح حوار سوري ايراني اميركي لصالح العراق من أجل تحسين الوضع الأمني”.
ويتوقع أن يجري المعلم محادثات مهمة مع الرئيس العراقي جلال الطالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي تتركز على سبل تطوير العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، فضلاً عن بحث آفاق التعاون الثنائي في المجال الأمني وتطبيع العلاقات وتفعيل العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وتأتي زيارة المعلم إلى بغداد، وسط تصاعد الأصوات الغربية لفتح حوار مع سوريا وإيران حول الوضع في العراق.
وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” قد ذكــرت أول مــــن أمــــس أن المعـــــلم التقى وزير الخارجية الأميركي الأسبق جيمس بيــــكر، الــــذي يشـــارك فـــي رئاسة لجنة مؤلفة من الحزبين الكبــــيرين في الولايات المتحدة لدراســـة الخـــيـــارات الاســـــتراتيجــــية فـــي العـــراق.
ونقلت الصحيفة عن السفير السوري لدى الولايات المتحدة، عماد مصطفى، قوله إن جيمس بيكر التقى مرات عديدة مسؤولين سوريين سعياً وراء تعاونهم. أضاف إن بيكر التقى المعـــــلم في أيلول الماضي في نيويورك ســائلاً إياه “ماذا سيتطلب الأمر من ســــوريــــا للمســـــاعدة بــــشــــأن الــــعــراق؟”.
ووصف مصطفى اللقاء بأنه “واعد للغاية”، مشيراً إلى أنه التقى أيضاً مرتين مجموعة دراسة العراق في واشنطن. أضاف “لقد كنا في غاية الصراحة بعضنا مع بعض ... وشرحنا لهم كيف ان المساعدة في استقرار الوضع في العراق تصب في مصلحتنا الوطنية”.
(أ ب، أ ف ب، رويترز، سانا)