أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي حظيت زيارته الى العراق باهتمام كبير على الساحة السياسية، لما تمتلكه سوريا من دور مؤثر في استقرار الوضع في هذا البلد، رغبة دمشق في أن تكون شريكة مع العراقيين «في الربح والخسارة»، فيما حرصت قوات الاحتلال الأميركية على الاعلان، اثناء وجود الوزير السوري في بغداد، عن أن «50 الى 70 مقاتلاً أجنبياً يتسللون من سوريا الى العراق شهرياً».وفيما تأتي هذه الزيارة في خضمّ حديث متزايد عن الجهود الدبلوماسية من أجل ضم سوريا وإيران الى محاولات إيجاد حل للأزمة في العراق، أنذرت لقاءات المعلم مع المسؤولين العراقيين بخطوات ايجابية رأى البعض أنها ستصب في خانة تحسين الوضع في هذا البلد، وخاصة مع الصراحة والعتاب اللذين ابداهما المسؤولون العراقيون.
ووصف المتحدث باسم الحكومة علي الدباغ اجتماعاً عقده المعلم مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بأنه ناجح، مشيراً إلى أنه سيسهم في تطوير العلاقات بين البلدين «من منطلق أن الأمن في العراق يعني الأمن والاستقرار في سوريا وغيرها من الدول الإقليمية». وأوضح الدباغ: «هناك مجالات واسعة للتعاون بين بلدينا، وسنبدأ في التعاون في حال انتهائنا من المسائل الأمنية».
وقال المالكي، خلال استقباله المعلم، بحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، في لهجة أقرب إلى العتاب على سوريا: «كنا نتوقع أن تكون سوريا اكثر تفهماً لنا كما كنا في مرحلة معارضة النظام الديكتاتوري، وأن تكون اول المبادرين إلى دعم الوضع السياسي الجديد».
ورأى المالكي أن «ما يحصل في العراق خطر يهدد الجميع لا العراق وحده. من مصلحة سوريا أن تسهم في استقرار العراق وأمنه، خصوصاً أن دولاً عديدة سبقتها في هذا المجال». وأضاف «اذا كانت لهذه الدولة او تلك خلافات مع الولايات المتحدة، فهذا شأن يخصها، على أن تسوية هذا الخلاف يجب الا تكون على حساب العراق. نرفض ان تكون اي دولة من دول الجوار الاقليمي ممراً أو مقراً للمنظمات الارهابية التي تلحق الضرر بالعراق».
وأشار المالكي الى أن «نسبة عالية من العمليات الارهابية التي تستهدف المدنيين الابرياء والمؤسسات الحكومية يخطط لها في بعض الدول المجاورة للعراق»، مشدداً على ان «العراق مستعد لتحسين العلاقات مع سوريا في جميع المجالات، وهو ما يتطلب توافر الإرادة السياسية الحقيقية لدى البلدين الشقيقين».
وذكر بيان المكتب الاعلامي أن المحادثات تطرقت الى «تأليف لجان مشتركة لحل المشاكل العالقة في المجالات الأمنية والمالية والاقتصادية وتبادل المعلومات، كما جرى الاتفاق على اهمية استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين».
أما المعلم فقال من جهته، ان بلاده «تدعم حكومة الوحدة الوطنية وتدين الإرهاب الذي يستهدف الشعب العراقي ومؤسساته، مشيراً الى أن «الخطر على العراق هو خطر على المنطقة برمتها». وأضاف «نريد أن نكون شركاء في الربح والخسارة وزيادة التنسيق في المجالات السياسية والامنية وتطوير التعاون الاقتصادي بين البلدين».
والتقى وزير الخارجية السوري، في وقت لاحق، رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق عبد العزيز الحكيم.
وقال الحكيم، رئيس لائحة «الائتلاف العراقي الموحد» (128 مقعداً)، في مؤتمر صحافي مشترك مع المعلم في ختام محادثاتهما، إن «المطلوب علاقات قوية بالدرجة الاولى بين العراق ودول الجوار، ان يكون هناك ترابط وخصوصاً في الملف الامني الذي يعني تبادل المجرمين والمعلومات وضبط الحدود».
وردّ المعلم قائلاً «هذا مؤشر للدعم السياسي للعلمية السياسية في العراق».
وأضاف الحكيم «نطلب من سوريا أن تساعد العراقيين لمواجهة الارهابيين، وننشد احسن العلاقات بين الشعبين، وأن ترجع العلاقات الى حالتها الطبيعية. هذه فاتحة خير وعملية حل لجميع المشكلات».
من جهة أخرى، أجاب المعلم رداً على سؤال: «أولاً لست وسيطاً للولايات المتحدة، ثانياً في هذه المرحلة، لا حوار بين سوريا والولايات المتحدة»، وجدَّد ما قاله أول من أمس، بأنه لم يأت إلى العراق «إرضاء لأحد».
وكان المعلم قد قال بعد لقائه نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي، أمس، إنه يؤيد «وضع آلية للتعاون الامني بين البلدين انطلاقاً من توجهات الرئيس (السوري) بشار الاسد الذي يعدّ أمن العراق من أمن سوريا».
وفي هذا السياق، أعرب نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد عن الاعتقاد أن «المساعي الحالية للتحدث مع سوريا عن العراق تمثل محاولة للإدارة الأميركية للخروج من المأزق»، مشيراً إلى أن دمشق كانت قد حذرت الولايات المتحدة «من مخاطر الحرب» على هذا البلد.
وأشار إلى أن زيارة وليد المعلم إلى العراق تأتي «لدعم وحدة العراق أرضاً وشعباً ولدعم العملية السياسية فيه وتحقيق استقلاله». وكرر أن «لا متسللين عبر الحدود باتجاه العراق، وأن سوريا بريئة من كل التهم، مبدياً الاستعداد لتوقيع اتفاقات».
في هذا الوقت، قال المتحدث العسكري الاميركي الجنرال وليام كالدويل، في مؤتمره الصحافي الاسبوعي أمس: «لا نزال نرى تسللاً للمقاتلين الاجانب عبر الحدود السورية. هناك 50 الى 70 مسلحاً يدخلون عبر سوريا للمشاركة في عمليات داخل العراق». الا أنه استدرك قائلاً: «لا اقول إن الحكومة السورية تساعد في ذلك، لكننا لا نعرف مدى الجهود التي تبذلها لمنع هذا الامر». وأضاف: «اعرف تماماً أن الحكومة العراقية تجري محادثات مع سوريا عن نوع الاجراءات التي في إمكان الحكومة السورية اتخاذها بهذا الصدد».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي، أ ب)