استقبلت اندونيسيا أمس الرئيس الأميركي جورج بوش بتظاهرات حاشدة احتجاجاً على سياساته في العراق وأفغانستان وفلسطين، خلال زيارته الثانية الى أكبر بلد مسلم، وذلك بعد عودته من فيتنام، حيث حضر قمة منتدى “ابيك” الاقتصادي. اقتحم مناهضون للولايات المتحدة المتاريس التي أقيمت في بوغور (50 كيلومتراً جنوبي جاكرتا)، والتي شهدت لقاءً بين الرئيس الأندونيسي سوسيلو بامبامغ يودويونو ونظيره الاميركي.
وكان ملف العراق حاضراً في هذا الاجتماع، حيث قال يودويونو عندما سئل عما اذا كان قد أثار موضوع الانسحاب الفوري للقوات الأميركية مع بوش، “أريد أن أقول إنه قد يتعين علينا أن نفكر في تطوير حل من ثلاثة مسارات، أحدها مهم للغاية وهو تحقيق المصالحة الوطنية في العراق مع تعزيز الحكومة الوطنية القائمة”، مشيراً الى أنه من المهم إشراك أطراف أخرى في العراق. أضاف “قد يتعين علينا نشر تركيبة جديدة من قوات الأمن بالتوازي مع فك اشتباك القوات العسكرية الأميركية وقوات التحالف الأخرى من العراق استناداً الى جدول زمني”. وقال يودويونو إن المسار الثالث المرتبط برحيل القوات الأميركية يجب أن يركز على طريقة عمل المجتمع الدولي من أجل إعادة إعمار العراق وإصلاحه.
بدوره، أوضح الرئيس الأميركي أنه لم يتخذ قراراً بشأن احتمال تعديل عدد الجنود في العراق. وقال «لم أتخذ بعد أي قرار بشأن زيادة عديد العسكريين أو خفضه ولن أفعل ذلك إلا بعد أن أستشير عدداً من المصادر»، معرباً عن الأمل في الحصول على رأي وزارة الدفاع الأميركية في شأن المسألة «في أسرع وقت ممكن».
وأعلنت الشرطة الاندونيسية أنها قامت بتمشيط وسط بوغور بعدما تلقّت معلومات من مصدر غير محدد مفادها أنه يمكن تنفيذ عملية انتحارية. وقال قائد شرطة بوغور، سوكراواردي دهلان، «منذ أمس (الأحد) قمنا بعمليات تمشيط بهدف منع احتمال إلقاء قنابل أو تنفيذ أي اعتداء انتحاري».
وكان آلاف المتظاهرين قد ساروا نحو المسجد الرئيس في العاصمة جاكرتا صباح أمس، وحمل بعضهم لافتات تظهر ضحايا العنف في العراق وفلسطين.
كما تدفق آلاف المسلمين الى مدينة بوغور متهمين الرئيس الاميركي بأن “يديه ملطختان بالدماء”.
وشارك نحو ثلاثة آلاف متظاهر من حزب العدالة والرخاء في المسيرة وهم يرتدون عصابة رأس كتب عليها “الولايات المتحدة إرهابية”.
وقال رئيس تحالف المنظمات المسلمة المتحدة، حبيب السقاف، أمس “هناك حوالى 15 الف متظاهر في بوغور” بينما شدد المسؤول المحلي في حزب العدالة والازدهار، دادانغ روكنيانا، على “أننا نشجب مجيء جورج بوش لأننا نرى أن هذا الضيف سفك دماء مسلمين”.
وفي الجزء الشمالي من المدينة حمل محتجون لافتة كتب عليها “بوش يجب أن يقتل”.
واختيرت مدينة بوغور، بحسب مسؤول اميركي، “لتقليل المخاطر المرتبطة بالامن”.
وعلّق بوش على التظاهرات قائلاً إن “الناس يحتجون، إنها إشارة جيدة، علامة على المجتمع الصحي”.
وكان الرئيس الاندونيسي قد دعا الى عدم “الإفراط في التظاهر”. وقال في تصريح نشرته صحيفة “جاكرتا بوست”، “اذا حدث مكروه، فإن العالم بأسره سيلومنا”.
واندونيسيا حليف مهم للولايات المتحدة في جنوب شرق آسيا في حربها على الإرهاب وتتطلع للاستثمارات والتجارة الأميركية. لكن الكثير من سياسات بوش وخاصة في الشرق الأوسط، فلسطين والعراق وأفغانستان، تلقى رفضاً في البلاد التي يقطن فيها 220 مليون نسمة، 85 في المئة منهم مسلمون.
وتمثّل اندونيسيا، فوائد عديدة بالنسبة إلى واشنطن. فهي ديموقراطية ناشئة يمارَس فيها إسلام معتدل ولا تزال في منأى عن الأصولية والإرهاب نسبيّاً.
وكانت التظاهرات قد بدأت قبل أيام من وصول بوش الى البلاد؛ فقد تجمّع في العاصمة أول من أمس نحو خمسة آلاف عنصر من حزب العدالة والازدهار أمام مسجد للتعبير عن احتجاجهم. وفي حي آخر من جاكرتا، نظّم الآلاف من المنتدى الإسلامي، المنظمة التي تضم حوالى ثمانين حركة دينية محافظة، تظاهرة نحو القصر الرئاسي.
(رويترز، أ ف ب، أ ب، يو بي آي)