بول الأشقر
دخل الصراع السياسي في بوليفيا مرحلة قاسية بعد قرار الجمعية التأسيسية المضي قدماً في مناقشاتها، معتمدة الأكثرية في إقرار مواد الدستور الجديد، فيما أقرت المعارضة برنامجاً للتحركات بدأته بقرار ستة محافظين مقاطعة الرئيس إيفو موراليس.
في هذا المشهد الجديد، تبدو بوليفيا متجهة أكثر فأكثر إلى تجاذب قاس تختلط فيه العناصر السياسية والاقتصادية والمناطقية والإثنية.
ووافقت الجمعية التأسيسية، حيث يتمتع حزب موراليس بالأكثرية، وليس بأكثرية الثلثين، على اعتماد إقرار مواد الدستور الجديد في قراءة أولى، مرجئة الإقرار النهائي، الذي يحتاج إلى أكثرية الثلثين، غير المتوافر حالياً، قبل تحويله إلى الاستفتاء الشعبي.
كما قررت الجمعية التأسيسية منح المعارضة حق المطالبة بأكثرية الثلثين فقط لدى مناقشة ثلاث مواد من الدستور الجديد.
وأثار قرار الجمعية التأسيسية رد فعل فورياً من المعارضة، إذ أعلن نواب «الوحدة الوطنية»، وهو ثاني حزب معارض، الشروع بإضراب عن الطعام في مقر الجمعية التأسيسية، وأيضاً في مناطق عديدة من البلد، فيما أعلن عدد من أعضاء المجلس التأسيسي المعارضين مقاطعة أعمال مجلس النواب إذا كان وجودهم «لم يعد يقدم ولا يؤخر».
كما أعلن ستة محافظين، من المحافظات التسع التي يتألف منها البلد، حركة مقاطعة للرئيس موراليس حتى عودة حزبه عن قانون إقرار الدستور الجديد، في ما عدّوه بداية «المعركة الفاصلة بين الديموقراطية والديكتاتورية».
وفي رد على قرار المحافظين الستة، حوّلت الحكومة إلى مجلس النواب مشروع قانون يتيح للمجلس التحقيق في سوء إدارة المحافظات والبلديات، إذا قدّمت مجالس المحافظة أو البلديات شكاوى في هذا الخصوص إلى البرلمان.
من جهة أخرى، أكد مجلس القضاء الأعلى، في قرار لم يرض لا السلطة ولا المعارضة، صلاحياته في البت في شؤون الجمعية التأسيسية، وفي شرعية مضمون الدستور الجديد مع أنه رفض البت في موضوع النظام الداخلي.
وأمام تصاعد المواجهات السياسية، يبدو أن بوليفيا دخلت أسبوعاً حاسماً قد يؤدي إلى تظاهرات وتظاهرات مضادة، يخشى أن تتحول إلى صدامات عنيفة، تشكل الجمعية التأسيسية، التي يرى فيها موراليس أداة لـ«إعادة تأسيس بوليفيا»، محور الصراع.
ويخشى أنصار موراليس، وهم بأكثريتهم هنود وفقراء، أن يستعمل المعارضون الثلث المعطل الذي يتمتعون به كوسيلة لإفراغ التغييرات العميقة، التي تطالب بها الأكثرية الهندية.
وترى المعارضة، التي تتمتع بالأكثرية الشعبية في المحافظات الشرقية الغنية بالغاز وأيضاً في المؤسسات الزراعية الكبيرة، في توسيع الصلاحيات اللامركزية الضمانة للتعويض عن السلطة السياسية التي افتقدتها، وللحد من التحويلات لصالح المناطق الهندية الأكثر فقراً، بدلاً من أن تبقى تلك الموارد في مناطقها، التي تساهم في القسم الأكبر من الناتج القومي.