دمشق ــ ماجد عزّام
لماذا علّقت مشاورات تأليف الحكومة الفلسطينية؟ سؤال يطرحه الكثير من الفلسطينيين، ولا سيما أن الغموض لا يزال يحيط مصير هذه المفاوضات وأسباب تعليقها، التي بدأت تتضح، وهي تتلخص بإقحام مطالب جديدة إلى ملف المشاورات.
فليل الأحد الإثنين اجتمع الرئيس محمود عباس في غزة مع رئيس الوزراء اسماعيل هنية لمواصلة النقاش والحوار حول تأليف حكومة وحدة وطنية، وفي الوقت نفسه كان رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» خالد مشعل يلتقي مع رئيس الوزراء السابق أحمد قريع في دمشق للحوار والنقاش حول الموضوع نفسه.
وظهر الأحد ألحّ عباس على طلب الحديث مع وزير الدفاع الإسرائيلي عامير بيرتس، الذي كان متواجداً في اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي.
وسّط أبو مازن النائب العربي في الكنيست محمد بركة لتنسيق الاتصال مع بيرتس، وتم الاتفاق على وقف إطلاق الصواريخ والعودة إلى التهدئة من الجانب الفلسطيني، مع وعد بأن يقوم الجانب الإسرائيلي بشيء مماثل بعد أن يتحدث بيرتس مع رئيس الوزراء إيهود أولمرت. وبعد الاتصال، وعندما التقى أبو مازن وهنيّة، بادر الأول إلى طرح مطالب عديدة بدت غريبة وغير مألوفة وخارج سياق الحوارات والنقاشات التي جرت خلال الفترة الماضية، وتتمثل بالآتي:
ـ الإفراج الفوري عن الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط مع تعهّد بأن يجني عباس الثمن من إسرائيل بعد ذلك، مع تقديم وعد بأن تفرج الأخيرة عن عدد من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
ـ العودة إلى التهدئة ووقف إطلاق الصواريخ من قطاع غزة ضد المستوطنات والتجمعات الاستيطانية الإسرائيلية المحيطة بالقطاع، مع وعد بخطوة إسرائيلية مماثلة، ولكن بعد أن يبادر الفلسطينيون إلى إعلان التهدئة والالتزام بالهدنة.
ـ الإصرار على أن تكون الحكومة الفلسطينية الجديدة حكومة تكنوقراط خالصة بمعنى ألا تضم أياً من الوجوه والقادة السياسيين، لا من الصف الأول ولا حتى من الصف العاشر. وأبلغ أبو مازن هنية أنه سيحصل على موافقة من وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس على ذلك، وأن الإدارة الأميركية مصرّة على أن يكون كل الوزراء بلا استثناء من التكنوقراط، وأن يتم تعميم نموذج رئيس الوزراء المقبل محمد شبير، الذي وافقت عليه الإدارة الأميركية، على باقي الوزراء.
ـ رفض قاطع لمطلب حركة «حماس» الاحتفاظ بوزارة الداخلية، وإصرار على أن يتولاها أحد المستقلين مع طرح اسم الجنرال عبد الرزاق اليحيى لتولي هذا المنصب.
اسماعيل هنية رفض كل مطالب أبو مازن وشروطه وفندها على النحو الآتي:
ـ أولا: قضية شاليط تسير بمسار منفصل عن حكومة الوحدة الوطنية، علماً بأن «حماس» نجحت في الحصول من اسرائيل على مبدأ التبادل، وثمة نقاش حول التزامن والتفاصيل الأخرى المرتبطة به.
ـ ثانياً: «حماس» لا تعارض من حيث المبدأ العودة إلى التهدئة أو الهدنة، لكن شرط أن تكون متبادلة ومتزامنة وأن تعلن إسرائيل وقف الاغتيالات والاجتياحات والتوغلات في الأراضي الفلسطينية.
ـ ثالثاً: «حماس» توافقت مع حركة «فتح» وعباس على أن تكون الحكومة حكومة وحدة وطنية لا تضم أياً من القادة أو الوجوه السياسية البارزة، ولكن لا تكون حكومة تكنوقراط بحتة وهي غير مستعدة للقبول بتراجع الرئيس عن هذا الأمر.
ـ رابعاً: «حماس» مصرّة على الاحتفاظ بوزارة الداخلية، وهذا أمر مهم لها للدفاع عن المقاومة ووقف الفوضى الأمنية، وهي مستعدة للتنازل لفتح عن حقيبتي الخارجية والإعلام.
عند هذا الحد، أنهى الرئيس محمود عباس النقاش من دون تحديد موعد لاحق، مع الإشارة إلى أنه سيغادر في جولة عربية ويأمل بالحصول على مواقف إيجابية من «حماس» على شروطه وطلباته. وقبل ذلك كان قد أمر الوزير السابق محمد دحلان للاتصال بالإسرائيليين لإبلاغهم أن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود.