انعكس اغتيال الوزير بيار الجميل أول من أمس على الدعوات الغربية المتصاعدة، ولا سيما من رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير، إلى فتح حوار مع سوريا وإيران بشأن العراق والأوضاع في الشرق الأوسط.وكان من المرجح أن تكون فكرة الحوار مع سوريا بين توصيات مجموعة الدراسة الأميركية، التي يرأسها وزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر، والمكلفة وضع استراتيجية أميركية جديدة في العراق.
وقالت صحيفة “التايمز” البريطانية أمس إن دعوة طوني بلير للانخراط في حوار مع سوريا تعرضت لتهديد مباشرة مع تحميل دمشق مسؤولية اغتيال الجميل.
وقالت الصحيفة: “وسط أجواء التوتر العصبي التي انتشرت بين أوساط الحكومة البريطانية بعد اغتيال الوزير اللبناني، أفاد الناطق الرسمي باسم بلير بأن جزءاً من حكم لندن على سوريا سيكون من خلال طريقة تصرفها في لبنان ويتعين التحقيق في الاغتيال قبل القفز إلى النتائج”. ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين ترجيحهم “إمكان أن يكون متشددون في سوريا معارضون لسياسة الحوار مع الغرب نفذوا الاغتيال”.
وذكر الخبير في الشؤون السورية ومنسق دراسات السلام في جامعة أوكلاهوما، جاشوا لانديس، أن الامر “سيصبح أكثر صعوبة”.
وبرر الخبير في السياسة العربية في معهد دراسات الشرق الأدنى في واشنطن، ديفيد شينكر، رؤيته لاتهام سوريا بعملية الاغتيال، بالقول إن “السوريين يعلمون أنهم سيتهمون (من قبل المحكمة الدولية) على أعلى المستويات... لذلك عليهم أن يوقفوا ذلك”. وأضاف أن سعي سوريا إلى التواصل مع إيران والعراق في الأيام الأخيرة ينسجم مع محاولاتها الماضية في تخفيف الضغوط الدبلوماسية عنها، بعدما بدأ الخناق يضيق عليها في الأمم المتحدة.
ويخمّن المحللون أيضاً أن اغتيال الجميل يمكن أن يكون من تدبير مجموعات خارجة عن السيطرة في سوريا أو أجهزة الاستخبارات السورية أو حتى يمكن أن يكون نتيجة تصفية حسابات في “غابة” السياسة اللبنانية.
وأوضح المحلل في معهد “بروكنغز”، بلال صعب، أنه “إذا كانت نية قتلة الجميل وقف محاكمة قتلة (الرئيس الراحل رفيق) الحريري، سواء بدعم أو من دون دعم لبنان، فقد فشلوا في تحقيق ذلك”. وقال: “بغض النظر عما إذا كان الأميركيون سيتحدثون إلى السوريين أو إلى الإيرانيين، فإن المحكمة الدولية هي أولوية قصوى ولا عودة عنها”.
ورأى شينكر، الذي عمل مستشاراً لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الدفاع الأميركية في إدارة جورج بوش، أن لبنان “هو جوهرة التاج بالنسبة لجهود الإدارة الأميركية في الشرق الأوسط”.
وأضاف بلال صعب إن فشل حكومة فؤاد السنيورة سيشكل “انتكاسة لإدارة بوش”. وأوضح أن “الأميركيين يعتقدون أن هذه الحكومة قادرة على دفع المصالح الأميركية في نشر الديموقراطية في المنطقة، ويرون في لبنان مثالاً على الديموقراطية”.
وكان لانديس أكثر وضوحاً عندما قال إن “لبنان هو آخر قصص النجاح. وإذا فشل فستكون هذه هي النهاية”. وأضاف إن “الولايات المتحدة ستستخدم لبنان في مواجهة سوريا وإيران”، بينما “تشعر سوريا بانحسار مد الهيمنة الإمبريالية الأميركية في الشرق الأوسط”.
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي)