مهدي السيد
تعاملت الصحف الإسرائيلية بحذر وريبة شديدين مع اتفاق وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وبين إسرائيل، وذلك على خلفية تجارب الماضي والخشية من مواجهة مستقبلية أكثر إيلاماً في ضوء اعتبارها أن الهدنة الحالية تتيح للفصائل الفلسيطينية فرصة التقاط أنفاسها وإعادة مراكمة قوتها لاستخدامها في مواجهة أشد.
وتوقف المحللون الإسرائيليون عند الظروف والأسباب السياسية والعسكرية التي أملت هذا الاتفاق في هذا التوقيت بالذات، فأشارت إلى تأثر الاتفاق بعوامل عديدة، منها زيارة الرئيس الأميركي جورج بوش المرتقبة إلى الأردن يوم الأربعاء، ونشوء توازن رعب بين طرفي المواجهة أوجد مصلحة مشتركة في الخروج من الدوامة الحالية، وحاجة هذين الطرفين إلى هذا الهدوء، كل لأسبابه الخاصة.
فالطرف الفلسطيني خضع، برأي محللين إسرائيليين، إلى ضغط مزدوج: الأول شعبي من قبل الشعب الفلسطيني، والثاني عسكري من قبل الجيش الإسرائيلي، والأمر ذاته ينطبق أيضاً على الطرف الإسرائيلي الذي تعرض لانتقادات شديدة من قبل جمهوره جراء عجزه عن وضع حد لإطلاق صواريخ «القسام».
في هذا السياق، ربط المحلل السياسي في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، شمعون شيفر، توقيت اتفاق وقف إطلاق النار بالزيارة المرتقبة لبوش الى عمان يوم الأربعاء، التي شكلت، برأيه، محفّزاً، أو حافزاً، لإثبات أنه عندما يصل «رجل كبير مسؤول» الى المنطقة عندها فإن الأطفال العاقين يقررون التصرف بضبط للنفس.
وإذ لفت شيفر إلى «بدء تجربة جديدة، بعد تجارب عديدة، في المواجهة النازفة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، حيث سيستبدل استخدام الوسائل القتالية بالحوار»، استدرك قائلاً إنه «ولشدة الأسف، إذا استندنا الى تجربة الماضي، فإن بانتظارنا الكثير من خيبات الأمل. ولكن، لا يزال من الأفضل الأمل بالخير».
أما المحلل العسكري في «يديعوت»، رون بن يشاي، فقد رأى من جهته أنه «يتعين التريث ليوم أو يومين على الأقل قبل أن يكون من الممكن الحكم بما إذا كان الاتفاق الحالي حقيقياً ومستقراً». وبحسب يشاي، فإن «هذا الاتفاق يُشكل أيضاً اختباراً لصدقية أبو مازن ولمدى سيطرة القيادة السياسية للفصائل الفلسطينية على رجالها الميدانيين».
وأضاف يشاي إن «حماس» بحاجة إلى هدنة جديدة كي تعيد بناء قوتها من دون أن تعرقل ذلك العملية الإسرائيلية الواسعة. والسؤال المهم بالنسبة ليشاي هو «كيف ستنتهي هذه الخطوة؟ وهل ستنتهي بخرق سريع لها والعودة إلى الهجمات المتبادلة، أم بتعزيز قوة الفصائل الفلسطينية استعداداً لجولة عنف جديدة أم بمستقبل وردي؟».
بدوره، رأى زئيف شيف، في «هآرتس»، أن «إسرائيل لن تكتفي ببيان أحادي الجانب من «حماس» لوقف نار الصواريخ. «فبالنسبة لإسرائيل، يمكن لهذا أن يكون بداية طيبة، ولكن ليست هذه سوى خطوة أولى فقط. فإسرائيل تطالب بتحرير الجندي المخطوف جلعاد شاليط، وكذلك الوقف التام لتهريب السلاح. وإضافة الى ذلك، تطالب إسرائيل بألّا تلبي أي حكومة فلسطينية تنشأ مطلب حماس في السيطرة على أجهزة الأمن الفلسطينية».
وعلق المحلل السياسي في «معاريف»، بن كسبيت، على الاتفاق بالقول إن «سكان سديروت والنقب الغربي سيتمكنون للمرة الأولى منذ زمن بعيد من الاستيقاظ هذا الصباح بهدوء». لكن كسبيت لا يبدو متفائلاً كثيراً من فرص نجاح تجربة وقف النار الجديدة، فيشير إلى أن الاتفاق «لا يضمن لنا وقف طوفان الوسائل القتالية الى داخل القطاع، وبناء البنية التحتية لإنتاج الكاتيوشا في غزة، أو منع تطوير صواريخ القسام وبناء القوة العسكرية لحماس في صيغة جيش. سيكون لنا هدوء هذا الصباح، وربما أيضاً في الصباح في الأيام التالية، ولكن لن تكون لنا راحة. ففي موعد ما سنستيقظ، ذات صباح، مع حزب الله على حدود عسقلان، ونتجادل عن تشكيلة لجان التحقيق».