القاهرة ــ خالد محمود رمضان
التزمت السلطات المصرية الصمت أمس حيال إبداء رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) خالد مشعل، أول من أمس، موقفاً متشدداً تجاه إسرائيل وتعهده إطلاق الانتفاضة الفلسطينية الثالثة إذا لم يتحرك ملف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية خلال الأشهر الستة المقبلة.
وفاجأت مواقف مشعل، التي أطلقها خلال مؤتمر صحافي في مقر نقابة الصحافيين المصريين في القاهرة، مختلف الدوائر الرسمية والديبلوماسية المصرية والعربية في القاهرة، لكنها لم ترد على تهديداته بإشعال الموقف السياسي والأمني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتلويحه بجعل الصراع مفتوحاً على مصراعيه إذا لم يسع المجتمع الدولي إلى البحث عن «أفق سياسي جديد للقضية الفلسطينية».
ورأى مراقبون تصريحات مشعل رداً على تسريبات بأن السلطات المصرية نصحته بإبداء المزيد من المرونة واتخاذ مواقف أكثر براغماتية لحلحلة عملية السلام والانتهاء من تأليف الحكومة الفلسطينية الجديدة.
ونفى مشعل، الذي بدا واثقاً من أنه سيتعرض للاغتيال من إسرائيل، أن تكون لديه أي خطط للحلول مكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، وقال إن حركتي «فتح» و«حماس» لا تستطيعان إقصاء إحداهما الآخرى، وإنهما شريكتان في الوطن الفلسطيني.
وقال مشعل «اليوم، العرب والفلسطينيون مجمعون على دولة في حدود 1967 وعلى إنهاء الاحتلال.. استغلوا هذه الفرصة، فلن نصبر اكثر مما صبرنا.. لا بد من افق سياسي حقيقي.. واذا لم يُستجب لمطلبنا الفلسطيني وأرادوا ادخالنا في الانفاق المظلمة لخريطة الطريق والضغط علينا فهم واهمون».
وشدد مشعل على أن «الضغوط ستقوّي حماس وستؤدي إلى انهيار السلطة الفلسطينية»، مشيراً إلى ان «السلطة ستنهار لا حكومة حماس، والمجتمع الدولي يخشى انهيار السلطة لأنه لا يريد أن يتحمل مسؤولية» شعب تحت الاحتلال. وأضاف انه اذا لم يجر استغلال هذه الفرصة، فإن «الشعب الفلسطيني سيغلق كل الدفاتر السياسية وسينطلق في انتفاضة ثالثة وسيكون الصراع مفتوحاً.. والصراع المفتوح نتيجته لنا والنصر فيه لنا، لأن اسرائيل لديها ازمة داخلية ومثخنة بالجراح».
كما دعا مشعل الدول العربية الى اعادة تقويم موقفها. وقال: «أطالب القادة العرب بأن يعيدوا تقدير الموقف، فأمامنا فرصة حقيقية لانتزاع حقوقنا».
وانتقد رئيس حزب «التجمع» المعارض رفعت السعيد، بشدة عقد مشعل للمؤتمر الصحافي في نقابة الصحافيين. وتساءل «من سمح بعقد مثل هذا الاجتماع، وهل يتحدث مشعل باعتباره الرئيس الفلسطيني؟».
واستغرب السعيد عدم استقبال أي من المسؤولين الرسميين في مصر لمشعل خلال زيارته، ولماذا لم يعقد مؤتمره الصحافي في أي مكان رسمي بعيداً عن نقابة الصحافيين؟
لكن متحدثاً باسم وزارة الخارجية المصرية أبلغ «الأخبار» أمس، أن انتقادات السعيد لمشعل لا تعبّر عن الموقف الرسمي للدولة المصرية، معتبراً أن «تصريحات السعيد هي رأيه الشخصي ولا ينسحب على الموقف الرسمي والديبلوماسي للقاهرة».
وقال أحد المرافقين لمشعل إنه يعتقد أن السعيد كان يبحث عن «ضجة إعلامية» على حساب زعيم «حماس»، معرباً عن أسفه لصدور مثل هذه التصريحات، التي «تتناغم مع الانتقادات الأميركية والإسرائيلية المستمرة لمشعل».
وترددت أصداء انتقاد مشعل أيضاً في الداخل الفلسطيني. وقال المتحدث باسم «فتح» في الضفة الغربية فهمي الزعارير إن «الانتفاضة الثانية لم تنته بعد حتى يُعلن عن التهيؤ لانتفاضة ثالثة». وأضاف الزعارير، في بيان، إن «حماس لم تبدأ الانتفاضة الاولى، حيث تأسست بعد انطلاقتها ولم تندمج في العمل الكفاحي للانتفاضة الثانية، إلا بعد أكثر من شهر من انطلاقتها، لعدم ثقتها بتواصلها، وهذا يكفي للتدليل على عدم أحقيتها بإنهاء انتفاضة الاقصى، والانطلاق بانتفاضة جديدة ثالثة».
وأشار الزعارير إلى أن «رفض مشعل قيام حكومة كفاءات هو مغالطة بحد ذاتها، إذ إنه جرى التوافق على إنشاء حكومة وحدة وطنية تمثل القوى والكتل فيها كفاءات وطنية ليست في مواقع قيادية في الفصائل لكنها محسوبة عليها».