لم تفلح مساعي الحكومة العراقية لتهدئة الغضب الشعبي والصراع المذهبي، اللذين تقافقما بعد مقتل وإصابة المئات في مدينة الصدر الخميس الماضي، فيما استمر حظر التجوال في بغداد أمس لليوم الثالث على التوالي، وسط تأكيد سني الالتزام بالعملية السياسية مع دعوة إلى تأليف «حكومة أزمة».وقد بلغ الغضب الشعبي ذروته في مدينة الصدر، حيث رشق بعض السكان موكب رئيس الوزراء نوري المالكي بالحجارة، خلال زيارة قام بها الى الحي الواقع شرقي بغداد، لحضور مراسم تأبين نحو 202 سقطوا ضحايا تفجيرات الخميس الماضيوصرخ أحد الرجال «إنه خطؤك»، بينما انهالت العبارات الغاضبة على المالكي، فيما شق موكبه طريقاً عبر الحشود في معقل «جيش المهدي» الذي يتزعمه مقتدى الصدر.
وقال المالكي، في تصريحات بثها التلفزيون أمس، «لو أردنا إرجاع الأمور إلى حقيقتها، فإن الأزمة سياسية وإيقاف التدهور الأمني ونزيف الدم العراقي مرهون باتفاق السياسيين». لكنه أضاف إن هذا لن يحدث «إلا إذا اقتنعت الأطراف بأنه ليس هناك غالب ولا مغلوب في هذه المعركة». وأوضح أن «الوضع الأمني انعكاس لعدم التوافق السياسي».
في هذا السياق، أعلن مستشار الامن القومي العراقي موفّق الربيعي أمس أن المالكي سيلتقي الرئيس الاميركي جورج بوش رغم تهديدات «التيار الصدري» بتعليق عضويته في الحكومة والبرلمان إذا جرى هذا اللقاء.
ورأى الربيعي أن تهديدات الصدر ليست جدية، مشيراً الى أن «الحكومة مستقرة وتحظى بدعم الطوائف الثلاث الرئيسية والكتل البرلمانية الرئيسية الثلاث». وقال إن الحكومة العراقية قادرة على تجاوز استقالة وزراء «التيار الصدري»، موضحاً «لا أعتقد أن استقالة بعض الوزراء ستؤدي الى الإطاحة بهذه الحكومة».
من ناحية أخرى، أعلن نائب رئيس الجمهورية العراقية طارق الهاشمي أمس أن ممثلي العرب السنة في العملية السياسية يؤكدون التزامهم هذه العملية رغم العقبات.
وقال الهاشمي إن «الحزب الإسلامي (الذي يتزعمه) وجبهة التوافق (التي يتزعمها عدنان الدليمي) التزما مبكرا أن يكونا شريكين نزيهين مخلصين في العملية السياسية ولحكومة المالكي»، مؤكداً أن «هذه الشراكة لا تزال قائمة رغم ما واجهته الحكومة من عقبات كثيرة».
ودعا «الحزب الإسلامي»، من جهة أخرى، الى «اجتماع عاجل لتأليف حكومة أزمة عراقية قادرة على إنقاذ البلد من محنته ومنع انزلاقه الى مستنقع التقسيم والحرب الأهلية».
وأشار الحزب، في بيان له أمس، إلى أن «الاجتماع المقترح تحضره قيادات الكتل السياسية كافة، المشاركة وغير المشاركة في تشكيلة الحكومة الحالية، للخروج برؤية وطنية عراقية وآليات عملية».
وأعلنت كتلة «المصالحة والتحرير» العراقية (3 نواب)، التي يتزعمها النائب مشعان الجبوري، تعليق عضويتها في البرلمان العراقي احتجاجاً على التدهور الأمني و«إخفاق الحكومة في معالجته». واشترطت الكتلة في بيان لها، للعودة عن هذا القرار، مناقشة البرلمان تأليف حكومة إنقاذ وطني في العراق.
ميدانياً، قتل 15 عراقياً وجرح العشرات في هجمات متفرقة أمس، ثمانية منهم قضوا بانفجار سيارة مفخخة وسط سوق شعبي جنوب بغداد، فيما أعلن مصدر أمني أن مسلحين خطفوا أمس 21 شخصاً من منازلهم في ناحية كنعان التابعة لمحافظة ديالى المضطربة (شمال شرق بغداد).
وأعلن الجيش الاميركي أمس مقتل ثلاثة من جنوده وإصابة اثنين آخرين في هجومين وقعا في الأنبار وديالى أول من أمس.
وأفادت قوات الاحتلال أمس أن سبعة جنود بريطانيين أصيبوا بجروح في هجوم شنه مقاومون بصواريخ «الكاتيوشا» على إحدى القواعد البريطانية في مدينة البصرة.
وذكر مسؤول في «البشمركة» أن اشتباكات اندلعت فجر أمس، بين قوة ايرانية ومقاتلين من «حزب العمال الكردستاني» على الحدود بين إيران والعراق.
وأعلن وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي أمس، أن صنعاء بدأت تجري مشاروات مع الجامعة العربية بهدف عقد مؤتمر مصالحة وطنية في العراق.
ورأى الرئيس المصري حسني مبارك أن انسحاباً فورياً للقوات الأميركية من العراق سيؤدي الى تفاقم الوضع في هذا البلد. وقال مبارك، في مقابلة مع صحيفة «الأهرام» نشرت أمس، «الموقف الحالي يمثل معضلة حقيقية، فقوات التحالف إن انسحبت الآن سيزداد الموقف تدهوراً، وإن بقيت فستستمر المقاومة ضد الوجود الأجنبي على أرض العراق».
في المقابل، دعا العضو الجمهوري البارز في مجلس الشيوخ الأميركي تشاك هاغل إلى ضرورة أن تخطط الحكومة الأميركية لانسحاب تدريجي من العراق. وقال هاغل، في مقال نشره في صحيفة «واشنطن بوست» أمس بعنوان «غادروا العراق بشرف»، إنه «لن يكون هناك هزيمة ولا فوز للولايات المتحدة في العراق»، مضيفاً إن «مستقبل العراق كان دائماً يتحدد من قبل العراقيين لا الأميركيين».
إلى ذلك، وعلى صعيد آخر، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس، عن تقرير سري للحكومة الأميركية أن عمليات تهريب النفط والخطف والتزوير وباقي الأنشطة غير الشرعية تستخدم في تمويل المقاومين العراقيين. وقالت الصحيفة إن التقرير قدَّر أن هذه العمليات تدر موارد تصل الى ما بين 70 و200 مليون دولار سنوياً.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي،
د ب أ، الأخبار، أ ب)