strong>محمد بدير
لم تسفر زيارة رئيس المخابرات المصرية، عمر سليمان، إلى إسرائيل عن نتائج فعلية على صعيد إنجاز تبادل أسرى بين تل أبيب وحركة حماس، برغم دلالاتها السياسية الهامة لجهة كشفها عن حجم الدور الذي تضطلع به مصر في تذويب الجمود السياسي على الجبهة الفلسطينية الإسرائيلية

احتل الوضع داخل السلطة الفلسطينية، المتصل بتأليف حكومة الوحدة وموضوع وقف إطلاق النار الهش بين إسرائيل والفلسطينيين، المساحة الأكبر من المداولات التي أجراها عمر سليمان في تل أبيب مع المسؤولين الإسرائيليين الذين التقاهم، وفي مقدمهم رئيس الوزراء، إيهود أولمرت، ووزيرا الدفاع والخارجية، عامير بيرتس وتسيبي ليفني.
ورغم الترحيب والثناء الكبيرين اللذين أفاضهما المضيفون الإسرائيليون على ضيفهم المصري، إلا أن تقارير إعلامية إسرائيلية أكدت أن حجم الفجوات في المواقف بين الجانبين كانت كبيرة، وارتبطت بجدولة الأولويات. وأشارت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي إلى أن الموقف المصري شدد على ضرورة تأليف حكومة وحدة فلسطينية، لا غالبية فيها لحركة «حماس» قبل أن تخرج صفقة تبادل أسرى إلى حيز التنفيذ.
وأحيط مضمون اللقاءات التي عقدها سليمان بالسرية، ولم يصدر أي تعليق من مصادر رسمية عنها. لكن تصريحات صادرة عن مكتب أولمرت كانت قد سبقت زيارة سليمان وخفضت مستوى التوقعات حيال مفاوضات التبادل. ونقل موقع «يديعوت أحرونوت» على الإنترنت عن مصادر في مكتب أولمرت قولها إن مطالب حكومة «حماس» بإطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية معروفة و«سليمان لم يأت اليوم لإبرام صفقة تبادل أسرى». وأشارت إلى أن سليمان سيطلع المسؤولين الإسرائيليين الذين سيلتقيهم على آخر المستجدات في قضية تبادل الأسرى والمحادثات التي أجراها المسؤولون المصريون مع رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل في القاهرة في نهاية الأسبوع الماضي. ورأت هذه المصادر أنه لن يتم التوصل إلى اتفاق تبادل أسرى إلا «من خلال خطوة لبناء الثقة بعد تأليف حكومة الوحدة الفلسطينية».
وقبل لقائه أولمرت في القدس المحتلة، اجتمع سليمان فور وصوله إلى إسرائيل ببيرتس ونائبه أفراييم سنيه في مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب، وجرى بحث آخر المستجدات في قضية تبادل الأسرى. وقبل بدء الاجتماع المغلق بين الطرفين، قال بيرتس إن «مساهمة سليمان ليست موضع شك، بل هي مساهمة كبيرة للاستقرار في الشرق الأوسط ولدفع العلاقات بين القوى المعتدلة في المنطقة». وبحسب تقارير إعلامية إسرائيلية، فإن بيرتس طلب من ضيفه تكثيف الجهود ضد تهريب الأسلحة والمواد المتفجرة من مصر إلى قطاع غزة، وخاصة عبر محور فيلاديلفي، كما عرض أمامه الخروق الفلسطينية لوقف إطلاق النار، محذراً من رد إسرائيلي في حال استمرارها.
وأدلى سليمان بتصريحات للصحافيين أكد فيها التزام الفصائل الفلسطينية بوقف إطلاق النار، مشيراً الى أن الانتهاكات التي سجلت منذ الأحد ارتكبتها مجموعات لا تنتمي الى أي فصيل، وتحاول إثبات وجودها. وشدد على بذل كل الجهود الضرورية لوقف هذه الانتهاكات لأنها تشكل تهديداً لجميع الأطراف.
وكانت صحيفة «هآرتس» قد نقلت عن مصادر وسيطة في مفاوضات التبادل حول الجندي الأسير بين «حماس» وإسرائيل قولها إن استكمال صفقة تبادل الأسرى لا يزال يتطلب أسابيع إضافية.
وبحسب هذه المصادر، فإن إطلاق سراح جلعاد شاليط سيتأخر بسبب الفرق الكبير بين عدد الأسرى الفلسطينيين الذين تطالب بهم «حماس» والعدد الذي توافق اسرائيل على إطلاق سراحه.
ونقلت «هآرتس» عن مصدر مطلع على تفاصيل المفاوضات قوله إن مشعل أعلن، خلال محادثاته في مصر، أنه مستعد لتأجيل النقاش حول هوية الأسرى الذين تطالب بهم الحركة، لكنه يصر على أن تطلق إسرائيل سراح ألف أسير على الأقل.
وأخبر الطاقم الإسرائيلي للمفاوضات الوسطاء المصريين أن أولمرت فوّضه اقتراح إطلاق سراح 300 أسير على الأكثر. لكنه في الخطاب الذي ألقاه في سديه بوكر، أعلن أولمرت عن استعداده لإطلاق سراح «أعداد كبيرة من الفلسطينيين»، بمن فيهم أسرى قدامى، في مقابل شاليط.