غزة، القاهرة، عمان ــ الأخبار
الوضع الفلسطيني يراوح بين التهدئة والتصعيد، وسط تدخلات عربية لاحتواء الاشتباكات الداخلية قبل توسّعها، أو استغلالها لأغراض إسرائيلية وفلسطينية، تؤدي إلى تعميق الأزمة
شهد قطاع غزة هدوءاً حذراً أمس؛ فالدعوات إلى وقف الاشتباكات الداخلية لاقت صدى في أكثر من منطقة، إلا أنها لم تمنع الاحتكاكات التي أدت إلى إصابة 3 أشخاص، بينهم اثنان من مرافقي نائب رئيس الحكومة ناصر الدين الشاعر، في وقت كانت الأزمة الداخلية محور مباحثات عربية، وسط حديث عن وساطة مصرية لاحتواء الأزمة الدامية.
وأفادت مصادر أمنية وطبية أن ثلاثة فلسطينيين أصيبوا بجروح خلال مواجهات بين مسلحين من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وآخرين من حركة فتح في نابلس في شمال الضفة الغربية. وأصيب اثنان من حراس ناصر الدين الشاعر، بينما كانا في سيارة.
ووقع تبادل لإطلاق النار داخل المستشفى الرئيسي في غزة بين قوة شرطة تقودها “حماس” وأسرة قتيل من مقاتلي حركة “فتح”. وأصيب ثلاثة أشخاص على الأقل في تبادل إطلاق نار داخل مستشفى الشفاء، بعد بضع ساعات من إلقاء محتجين موالين لفتح الحجارة على منزل وزير في الحكومة الفلسطينية التي تقودها “حماس”.
وقبل فجر أمس اتخذت قوات الأمن تحت سيطرة عباس مواقع في شوارع غزة، فيما سحبت “حماس” قواتها. لكن التوترات تصاعدت مع تدفق آلاف من المعزين من حركة فتح مطالبين بالثأر.
وقررت حكومة “حماس” “تعليق العمل في المؤسسات الحكومية” بسبب “الهجوم على مؤسسات الضفة الغربية ومجلس الوزراء ومحاولة اختطاف بعض المسؤولين”، فيما عمَّ إضراب شامل الضفة الغربية تجاوباً مع الدعوة التي أطلقتها “كتائب شهداء الأقصى” احتجاجاً على الاشتباكات في قطاع غزة.
إلى ذلك، أعلن مستشار الرئيس الفلسطيني للإعلام والثقافة نبيل عمرو أن عباس يدرس أكثر من خيار لإنهاء الأزمة الحالية في الأراضي الفلسطينية، بينها احتمال الدعوة إلى انتخابات مبكرة. وقال، خلال مؤتمر صحافي، إن عباس “سيعود الثلاثاء وأمامه خيارات عديدة للخروج من هذه الأزمة بما في ذلك انتخابات مبكرة وحكومة وحدة وحكومة كفاءات”.
ووصف عمرو مواجهات غزة بأنها “يوم أسود على الشعب الفلسطيني وأنه جرى تطويق الأزمة، لكن الحل هو المطلوب، لا التطويق. حل يأتي من خلال انسجام كامل بين الحكومة والرئاسة”. إلا أنه عاد وقال إن “أحد اسباب الأزمة الراهنة هو وجود برنامجين مختلفين على أرض فلسطين الملتهبة”.
والتقى عباس أمس في عمان رئيس الوزراء الأردني معروف البخيت، الذي بحث معه الأحداث التي تشهدها الأراضي الفلسطينية، وأكدا على أهمية توفير الدعم المالي للسلطة الفلسطينية حتى تتمكن من الالتزام باستحقاقات الرواتب وبما يضمن معالجة هذه القضية من الأساس.
ودخلت مصر بقوة على خط الوساطة لاحتواء وتطويق الوضع الأمني المتدهور فى الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقالت مصادر مصرية وفلسطينية، لـ “الأخبار”، إن التحرك المصري تم أولاً مع السلطة الفلسطينية وحركة “حماس” لحث الطرفين على ضبط النفس وضمان عدم تدهور الأحداث إلى حرب أهلية شاملة، كما أن مصر أجرت اتصالات غير معلنة مع الحكومة الإسرائيلية لتحذيرها من مغبة استغلال هذا الوضع الأمني والسياسي والقيام بعملية اجتياح جديدة للأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأجرى رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية اللواء عمر سليمان ومساعدوه في قطاع غزة سلسلة من الاتصالات مع قادة “حماس” في الداخل والخارج بغية إقناعهم بعدم تصعيد الموقف ومحاولة تطويقه أمنياً وسياسياً، حرصاً على تفادي سقوط المزيد من الضحايا الأبرياء.
وشملت هذه الاتصالات مكالمتين هاتفيتين أجراهما على عجل اللواء سليمان مع رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” خالد مشعل ورئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية.
ونجح الوفد الأمني المصري المقيم في غزة بإقناع الأطراف المعنية بالتهدئة وبقبول إعادة تمركز القوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية الفلسطينية في مختلف مدن قطاع غزة.
وفي دمشق، طالبت سوريا بالإسراع في احتواء المواجهات الداخلية بين الفلسطينيين وتعزيز
الوحدة الوطنية الفلسطينية.
ورأت القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية الحاكمة أن “الاشتباكات الأخيرة جزء من المؤامرة على القضية الفلسطينية من خلال تفتيت الوحدة الوطنية وزرع الفتنة”.
وأكدت القيادة المركزية للجبهة “ضرورة الإسراع في إطفاء شرارة الفتنة وتصليب الوحدة الوطنية الفلسطينية في مواجهة العدو الصهيوني”.
وناشدت جماعة الإخوان المسلمين المصرية، التي تُعَدُّ الأب الروحي لحركة “حماس”، الفصائل الفلسطينية جميعاً، وخصوصاً فتح وحماس الالتزام بثوابت القضية الفلسطينية وأولها حرمة الدم الفلسطيني وعدم المساس به، وعدم الاحتكام إلى السلاح لفضِّ الخلافاتِ التي يمكن أن تنشأ بين مختلفِ الأطراف.
وفي إطار الاعتداءات الإسرائيلية، أفاد مصدر طبي فلسطيني بأن الصياد الفلسطيني هاني إبراهيم النجار (27 عاماً) استشهد بنيران أطلقتها الزوارق الحربية الإسرائيلية الموجودة قبالة شاطئ قطاع غزة باتجاه قارب للصيد.