بول أشقر
دخلت معركة الرئاسة البرازيلية في مرحلة انتخابية حامية، قطباها الرئيس لويس ايناسيو لولا دا سيلفا وخصمه جيرالدو ألكمين، بعدما لم تطابق نتائج الانتخابات بيانات استطلاعات الرأي، ففرضت الوقائع دورة ثانية ستكون حاسمة
لم ينجح الرئيس البرازيلي في الحصول على الأكثرية المطلقة في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية البرازيلية التي جرت أول من أمس، وهو ما أجّل موعد الحسم إلى الدورة الثانية، حيث سيلاقي خصمه ألكمين، حاكم ولاية سان بولو، في دورة ثانية بعد أربعة أسابيع.
وحصل لولا، في النتائج النهائية، على أكثر من 45 مليون صوت تمثّل 48.61 في المئة من الأصوات، وجيرالدو ألكمين على نحو 40 مليون صوت توازي 41.64 في المئة. ونالت هيلوييز هيلينا نحو 7 في المئة وكريستوفان بواركي 3 في المئة.
وقبل تحليل نتائج الانتخابات، يبقى الإنجاز الأول وساماً على صدر الديموقراطية البرازيلية. فقد تمّت عملية فرز أكثر من مئة مليون صوت إلكترونياً، وكل ناخب شارك في خمسة انتخابات مختلفة، من نائب الولاية إلى رئيس الجمهورية مروراً بالحكام والشيوخ والنواب، خلال ساعات قليلة، وذلك في شفافية مطلقة، إذ يستطيع أي مواطن أن يتابع مباشرة عملية فرز الأصوات.
وتدلّ نتائج الدورة الأولى على أن حاكم ولاية سان بولو، مرشح «الحزب الاشتراكي الديموقراطي» جيرالدو ألكمين خرج منشطاً، بعدما حقق في الصناديق نتيجة فاقت بكثير التوقعات، فيما يخرج منها الرئيس لولا محيّراً ومضعفاً للسبب المعاكس، فكل الاستطلاعات باستثناء تلك التي أجريت عشية الانتخاب كانت تؤكد له فوزاً مريحاً من الدورة الأولى.
وتمثّل هذه الدينامية المعاكسة معطى أساسياً للدورة الثانية، سيعمل ألكمين لتعميقها وتوسيعها، فيما سيحاول لولا إيقافها ثم عكسها. ومن أهم خلاصات نتائج الأحد فوز ألكمين في جميع ولايات منطقة الجنوب، التي تعدّ الأكثر تقدماً في البرازيل، وأكثرية ولايات الوسط بما فيها العاصمة، إضافة إلى ولاية سان باولو، أكبر جسم انتخابي، حيث تقدم المرشح الأكثر يمينية بفارق أربعة ملايين صوت على خصمه.
أما لولا، ففاز بمجموع ولايات شمال شرق البرازيل بفارق كبير وبأكثرية ولايات الشمال، إضافة إلى ولايتي ميناس جيرايس وريو دي جانيرو، ثاني وثالث أكبر ولايتين بعدد الناخبين.
وأول استنتاج يمكن استخلاصه من النتائج، أن لولا خسر قسماً كبيراً من أصوات الطبقات الوسطى في الجنوب، التي أوصلته إلى سدّة الرئاسة قبل أربع سنوات، واستعاض عنها هذه المرة بالحصول على الأكثرية الساحقة لأصوات الفقراء في شمال البلد.
ويتوقع في المرحلة الثانية من الانتخابات أن ينزل لولا عن كرسيه ويدخل إلى الحلبة، وهي لعبة يتقنها وخصوصاً في أيام الشدة، فيما سيحاول ألكمين تمديد مفعول الرياح، التي قامت فجأة لمصلحته وتخطّت توقعاته وتوقعات أقرب حلفائه.
وفي انتخابات مجلس النواب، لم تحصل تغييرات كبيرة بالمقارنة مع المجلس الماضي. وبقي المجلس مفتتاً إلى أكثر من 15 حزباً. وقد صمد نسبياً حزب «الشغيلة»، الذي كان يُخشى انهياره. ويمكن القول إن للرئيس البرازيلي في المجلس الجديد كتلة من 125 نائباً تقريباً، ولألكمين العدد نفسه تقريباً. وهو ما يعني أنه سيبقى أكثر من 250 نائباً، أكثريتهم ينتمون إلى أحزاب كبيرة أو صغيرة من اليمين والوسط، سيقايضون ولاءهم مع المرشح الفائز ويمثلون الخزّان المانع لأي إصلاح سياسي عميق في البرازيل.
وفي انتخابات حكام الولايات، حسمت المعركة من الدورة الأولى في 17 ولاية، وفي نصف هذه الحالات تقريباً، نجح الحاكم في تجديد ولايته من الدورة الأولى. والمفاجأة الأكبر أتت من ولاية باهيا، حيث نجح حزب الشغيلة في إلحاق الهزيمة بأحد أكبر معاقل الإقطاع السياسي المستمر بدون انقطاع منذ ما قبل الحكم العسكري. أما الحالات العشر الباقية، فتجري الدورة الثانية فيها بعد أربعة أسابيع بالتوازي مع «أم المعارك».