مهدي السيد
تراقب الأوساط الإسرائيلية باهتمام شديد التطورات التي تشهدها الساحة الفلسطينية. واستحوذ النزاع بين حركتي فتح وحماس أمس على اهتمام الصحف الإسرائيلية، التي توقفت باهتمام عند هذه التطورات في محاولة لتسليط الضوء على أسبابها وتداعياتها الممكنة على الساحتين الفلسطينية والإسرائيلية.
ولم يتورّع بعض المحللين من صبّ الزيت على نار الخلاف عبر الحديث عن «كراهية مستفحلة في القلوب من جهة، وعن رغبة في الانتقام من جهة ثانية»، وصلت إلى حد الإشارة إلى أن جولة العنف المقبلة بين الحركتين ستتضمن اغتيال مسؤولين رفيعي المستوى منهما.
وتطرق عميت كوهن في «معاريف» إلى الاشتباكات بين فتح وحماسفقال إنه من «الصعب التصديق أنه حتى قبل يومين كانوا يتحدثون في السلطة الفلسطينية عن حكومة وحدة. وما يصعب تصديقه أكثر، هو أنه أمس أيضاً، بينما كانت أصوات طلقات النار لا تزال تُسمع في الشوارع، كان لا يزال هنالك من يدعو إلى تأليف حكومة مشتركة بهدف التغلب على المشاكل».
ووصف كوهين حال التغيير التي شهدها الوضع الفلسطيني بـ «الرقاص»، الذي يتحرك «من النشوة إلى الفوضى، ومن الوحدة إلى الحرب الأهلية». وتابع «العقل يريد الوحدة، لكن القلب مليء بالكراهية، مليء بالخلافات التي لا يمكن جسرها».
وفي مسعى تحريضي واضح، قال كوهين إن «فتح مجروحة وتتعطش للانتقام»، وأضاف «لكن برغم الكراهية، والرغبة في الانتقام، يبدو أن جولة العنف الحالية ستنتهي هذه المرة أيضاً بهدوء متوتر. فكلا الطرفين لا يزال يستطيع الضغط على المكابح في اللحظة الأخيرة».
وقال مراسل الشؤون الفلسطينية في «هآرتس» داني روبنشتاين، من جهته، إن «للتصعيد الحالي خلفية سياسية واضحة أشار إليها الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) في المقابلة التلفزيونية مع قناة الجزيرة. فهو اتهم، من جملة الأشخاص، أعضاء قيادة حماس، والمقصود خالد مشعل، بالتراجع عن الموافقة على البرنامج السياسي لحكومة الوحدة الوطنية، لا سيما البند المتعلق بالمبادرة العربية للسلام، التي تتضمن تطبيعاً واعترافاً بإسرائيل في مقابل الانسحاب الكامل».
وإذ أشار روبنشتاين إلى أن نشطاء «فتح» هم من بادر إلى التصعيد الحالي، رأى أن «تأليف حكومة وحدة هو السبيل الوحيد الذي يتيح للحكومة الفلسطينية الحصول على مشروعية دولية وعلى المساعدات المالية التي وُعدت بها».
ورأى روبنشتاين أن «مسألة تأليف حكومة وحدة فلسطينية تعيد الاستقرار إلى السلطة الفلسطينية، هي مصلحة إسرائيلية بما لا يقل عن كونها مصلحة فلسطينية، لأنه من دون حكومة وحدة ستتدهور الأمور في غزة إلى وضع مشابه لذاك السائد في افغانستان أو في العراق». وقال إن «السبيل الوحيد للحيلولة دون تحقق السيناريو المرعب في غزة يتمثل في تشجيع حكومة إسرائيل ومساعدتها على إرساء استقرار السلطة الفلسطينية».
وأضاف روبنشتاين أن «حكومة الوحدة الفلسطينية بين حماس وبين فتح لا تمثّل تهديداً لإسرائيل، بل حبل نجاة لها».
ورأى مراسل الشؤون الفلسطينية في «يديعوت أحرونوت» روني شكيد، أن العلاقات بين حماس وفتح وصلت «إلى درك أسفل لم يعد ممكناً الخروج منه بدون مواجهة»، معتبراً أن «معارك الشوارع هي جزء من الصراع على الحكم ومن الذي سيقرر مستقبل الفلسطينيين: هل البقاء كياناً اسلامياً أصولياً كما تريد حماس أم الانخراط في المنطقة وفي الأسرة الدولية مثلما تتطلع فتح وأبو مازن؟».
وبحسب شكيد، فإن أبو مازن، الذي دفع الناس إلى الشارع، لا يريد حرباً أهلية، بل يريد أن يفهموا في حماس أن من الافضل لهم الموافقة على انتخابات عامة جديدة أو الإعلان عن حال طوارئ وإقامة حكومة مؤقتة حتى موعد الانتخابات المقبلة بعد ثلاث سنوات.
وإذ وصف شكيد ما يحصل بأنه «تمرّد وانقلاب»، سأل إذا كان أبو مازن «سيتمكن من استغلال هذا الزخم للتخلص من حماس أم أنه، كعادته، سيسعى الى حل وسط».