وسط المعركة اليومية المتواصلة ضد الخوف والعزلة في حياة خلف أبواب مغلقة، اكتشف سكان بغداد وسيلة لإبقاء مدينتهم حية، ألا وهي «التنقل» عبر شبكة «الإنترنت».وبدلاً من الاستمتاع بتناول وجبة في أحد مطاعم الأسماك على ضفاف نهر دجلة، تقضي دنيا (28 عاماً)، وهي ربة منزل، أوقات المساء أمام الكمبيوتر داخل غرفة المعيشة تدردش مع أصدقائها عبر خدمة «ياهو ميسينجر».
ويعيش أغلب أقاربها على الضفة الأخرى من نهر دجلة ويعد لقاؤهم أمراً شبه مستحيل. وتنهدت دنيا قائلة: «من المحزن ألا ترى أصدقاءك كما في الأيام الطيبة الخوالي»، غير أنها تضيف: «لكن الدردشة عبر الإنترنت جعلت الأمور أفضل».
وتحولت «الإنترنت» من هواية للمولعين بالتكنولوجيا إلى بديل شامل للتعاملات اليومية الخاصة بالحياة في المدينة. فالمتاجر تغلق أبوابها مبكراً في بغداد ولا يسمح للسيارات بالمرور بعد التاسعة مساء، كما أن مناطق كثيرة في المدينة تصبح مهجورة بالكامل مع غروب الشمس.
وقالت زينب (35 عاماً)، التي تعمل سكرتيرة في مكتب: «لا أخرج إلا للأمور الطارئة فقط، مثل حضور جنازة أو زيارة طبيب». وأضافت: «صراحة، الجنون في الخارج يفقدني السيطرة على أعصابي».
ولم ترَ زينب أصدقاءها منذ أشهر. وبدلاً من ذلك، تلتقي بهم عبر الدوائر التلفزيونية المغلقة على شبكة الغنترنت. وقالت: «نتحدث أغلب الوقت عن الوضع الأمني. من قتل أو خطف أو فرَّ أخيراً من البلاد».
وأغلب العراقيين لم يعرفوا الدخول إلى «الإنترنت»، إلا بعد سقوط النظام العراقي السابق في عام 2003.
(رويترز)