تعيد اجتماعات القادة العراقيين وتعهداتهم التي أقرّوها “بتحريم دم” المواطنين الى الأذهان التجربة المريرة لجيرانهم الأبعد في لبنان قبل ثلاثة عقود، عندما كانت اجتماعات مشابهة تعقد تحت عناوين برّاقة، لكن من دون التوصل الى أي نتيجة.إلا أن محللين عراقيين يرفضون المقارنة بين حال لبنان قبيل اندلاع الحرب الأهلية عام 1975 وما يجري في العراق حالياً، مؤكدين أن التركيبة الطائفية في لبنان تختلف عنها كلياً في بلاد الرافدين.
وقال أستاذ مادة العلوم السياسية في جامعة بغداد، حسين حافظ، إن “فرز الطوائف في لبنان استغرق بعداً زمنياً كبيراً لكي يتبلور. وإذا تمت مقارنته بالبعد الطائفي هنا، سنجد أن عمره في العراق لا يتجاوز أربع سنوات فقط. فالطائفية جديدة علينا بأشكالها اللبنانية التي تتخذ أبعاداً اجتماعية وسياسية”.
وتابع حافظ “لا تجوز المقارنة بين الأوضاع في البلدين، فعلى سبيل المثال يشكل الشيعة 60 في المئة، أي القاعدة الاجتماعية والسياسية العريضة، لكن هذه القاعدة مسيطر عليها دينياً، الأمر الذي يشكل منعة للعراق في وجه محاولات زعزعة الاستقرار”. وقال “لو شاءت المرجعيات الشيعية، لاندلعت الحرب الأهلية غداً، لكنني لا أعتقد بإمكانية حصولها ...إنما هناك تخوف سائد من استمرار الأوضاع الأمنية على ما هي عليه”.
وقال رئيس جبهة التوافق، عدنان الدليمي، “اذا كان الجميع صادقاً في توجهاته والتزاماته فستتحقق أماني الشعب العراقي، من شيعة وسنة، في وقف نزف الدم والصراع الطائفي”.
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، عبد الجبار احمد، فقال من جهته، رداً على سؤال حول أوجه الشبه بين الاجتماعات في العراق ولبنان، “نعم، هناك بعض الشبه، فالاتفاقات التي تعقد بين أطراف العملية السياسية ليست إلا إعلامية، في حين يتطلب وقف القتل اتخاذ إجراءات عملية”.
وانتقد أحمد الاتفاق لأنه “لم يأت نتيجة لاستياء المواطنين وإنما بعد زيارة قام بها وفد من الكونغرس الأميركي، وبالتالي الاتفاق ليس تلبية لمطالب الناس... ورغم ذلك فإنه يحتاج الى حسن النيات”. وأضاف ان “هذا الاتفاق بحاجة الى إقرار من الأطراف بأن أحداً لا يستطيع إلغاء الآخر، أما إذا كان العكس هو الصحيح، فان الاتفاق سيكون تثبيتاً للعنف وليس للقضاء عليه”.
ورأى أحد الخبراء في الشؤون العراقية أن “الدول العربية تحاول أن تتعاطى مع العراق مثلما فعلت مع لبنان من قبل، أي التوصل الى تسوية مماثلة لاتفاق الطائف (عام 1989) الذي أنهى الحرب. لكن العراق ليس لبنان، فإما أن تكون هناك دولة صاحبة سلطة لا منازع لها أو لا تكون”.
وأضاف، مشترطاً عدم ذكر اسمه، ان “مجريات الأمور لا تتيح للقائمين على السلطة الإمساك بالمفاصل الرئيسية في العراق، فمجمل المشاكل تتعلق بمستوى التداخل بين مفاصل المشكلة العراقية وأجندة القوات الأميركية والقوى الأخرى في المنطقة”.
وربط الخبير بين “عدم استقرار الأوضاع الأمنية وبقاء القوات الأميركية من دون أفق زمني واضح لانسحابها”، وأقرّ بأن “الفيدرالية ومطالب الأكراد التوسعية هما أبرز المشاكل حالياً”.
(أ ف ب)