غزة ــ رائد لافي
مؤشرات التهدئة غير بادية في أفق الأزمة الداخلية الفلسطينية،“حماس” فتحت النار بعنف على “فتح” والرئاسة،
والرد قد يكون بالعنف نفسه، سياسياً وميدانياً


استبقت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى غزة، بعد أسابيع من “تجميده” مشاورات حكومة الوحدة الوطنية، ولجأت إلى الشارع في استعراض للقوة، كان مناسبة لرئيس الوزراء إسماعيل هنية لشن هجوم عنيف على حركة “فتح” والأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، جدد خلاله رفض الاعتراف بإسرائيل، مشدداً على بقاء حكومته، التي قال إنها تحظى بـ“خمس شرعيات”. ونظّمت “حماس” مهرجاناً جماهيرياً حاشداً بعنوان “الصمود والثبات”، شارك فيه عشرات الآلاف من أنصار الحركة لإعلان دعم الحكومة الحالية، وحرص قادة الحركة في قطاع غزة على تقدم الحشود.
وصبّ المتظاهرون جام غضبهم، بالتلميح والتصريح، على عباس وحركة فتح، واتهموهما بـ“عرقلة تشكيل حكومة الوحدة والعمل على إسقاط الحكومة الحالية”.
وألمح هنية، في خطاب أمام الحشد، إلى أن عباس هو الذي تراجع عن تشكيل حكومة الوحدة، متسائلاً “من الذي تراجع عن تشكيل الحكومة؟ من يريد إعادة المشاورات إلى نقطة الصفر؟”، مشيراً إلى أن “الحكومة متمسكة باستئناف الحوار من النقطة التي وصلنا اليها”.
وبدا هنية واثقاً من نفسه، وهو يخاطب آلاف “الحماسيين”، غير أن حالة من الإجهاد والإعياء أصابته واضطرته إلى قطع خطابه لنحو عشر دقائق، قبل أن يستأنفه من جديد، وسط هتاف الآلاف تأييداً له.
وقال هنية إن “من تراجع عن تشكيل حكومة الوحدة هو من قال إن الوثيقة لم تلب المطالب والشروط الدولية”، في إشارة ثانية إلى عباس. وأضاف، بلهجة إصرار وتحدّ، أن حكومته وحركة حماس، “لم ولن تعترف بدولة الاحتلال الإسرائيلي”، واسترسل قائلاً “ندرك أن هناك شخصيات وقوى وأحزاباً تسعى لإسقاط الحكومة، ولكن نقول لكل إخواننا لا تتعبوا أنفسكم، فلن تسقط هذه الحكومة أبداً”.
ورأى هنية أن حكومته تتمتع بشرعيات متعددة، فصّلها في “الشرعية الشعبية، والجهادية، والدستورية، والشرعيتين العربية والإسلامية”. وقال إن “الحكومة لم تأت على ظهر دبابة، وهي ليست نبتة في الصحراء”. واتهم أفراد الأمن المناوئين للحكومة بنوع من أنواع “التمرد” جراء مشاركتهم في احتجاجات في الشوارع بسبب عدم دفع الرواتب.
ونفى هنية صحة الادعاءات بأن الحكومة تراجعت عن بنود الاتفاق مع عباس. وقال إن “الحكومة لم ولن تتراجع عن وثيقة الوفاق الوطني كبرنامج سياسي لحكومة الوحدة الوطنية”، مشيراً إلى أن “الاتفاق حول موضوع حكومة الوحدة تم توقيعه بالأحرف الأولى على أن تعود كل حركة إلى قيادتها للتشاور، وهو ما حدث فعلاً حيث رفضت قيادة حركة حماس الموزعة بين الداخل والخارج والسجون الإسرائيلية البند، الذي يذكر المبادرة العربية لما تتضمنه من اعتراف باسرائيل، وطالبت بأن يتم اعتماد الشرعية العربية، التي ورد ذكرها في وثيقة الوفاق الوطني”.
وفند هنية الخيارات التي يمنحها القانون الأساسي (الدستور) المؤقت لعباس، في تعقيبه على تلويح الرئيس وحركة فتح باللجوء إلى الصلاحيات الدستورية. وقال إن “الرئيس لديه الصلاحيات لحل الحكومة، ولكن تشكيل حكومة طوارئ لن يضمن الاستقرار السياسي في الساحة الفلسطينية”.
أما الخيار الثاني، وفقاً لهنية، فهو “تشكيل حكومة تكنوقراط، ومن مشاكلها أن القضية الفلسطينية من التعقيد ما لا تقوى حكومة مهنية على مواجهتها، إلى جانب أنها لن تجد من يساندها لافتقارها إلى القوة الجماهيرية، كما أنها لا تملك غالبية في البرلمان”.
وأضاف هنية أن “الخيار الثالث هو التوجه لانتخابات مبكرة وفقاً لدعوات الكثيرين، غير أن الرئيس لا يملك صلاحيات لتلك الخطوة، التي ستضع الشعب الفلسطيني، في حال اللجوء إليها، أمام مخاطر أدناها الفوضى وأعلاها، لا سمح الله، الصدام”.
وأعرب هنية عن “رفضه للتدخلات والإملاءات الخارجية، من الرباعية الدولية وغيرها على الشعب الفلسطيني وحكومته المنتخبة”، موضحاً أن هناك ضغوطاً أميركية وإسرائيلية لمنع تشكيل حكومة الوحدة الوطنية. وقال “إن الإدارة الأميركية وإسرائيل تريدان حكومة وحدة وطنية بمقاييس أميركية تنفذ المطالب الخارجية والرباعية”.
وبخصوص ملف وفاة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، أشار هنية إلى أن الحكومة ستتابع ملف “استشهاد أبو عمار والتحقيق فيه من أجل إظهار الحقائق للشعب الفلسطيني”.
من جهة ثانية، فرّقت قوات الشرطة والجيش الإسرائيليين مئات الفلسطينيين، كانوا يريدون الوصول إلى الحرم القدسي لأداء صلاة الجمعة. وفرضت قوات الاحتلال حصاراً مشدداً على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة لمنع دخول فلسطينيين إلى إسرائيل بادّعاء حلول عيد العرش اليهودي.