العراق ــ الأخبارتمرّّ مدينة الفلوجة، كبرى مدن محافظة الأنبار الغربية، بأوضاع أمنية صعبة للغاية جراء تصاعد العمليات العسكرية والهجمات المتبادلة بين الجماعات المسلحة من جانب، والقوات الاميركية والقوات العراقية والشرطة المحلية من جانب آخر، وسط مخاوف من تفجّر معركة كبيرة قريباً.
ويلقي أحد أعضاء المجلس المحلي للفلوجة بمسؤولية تصعيد الموقف على القوات الاميركية. يقول إن المدينة «تعيش وضعاً غاية في السوء والقوات الاميركية هي من يتحمل المسؤولية كاملة عن ذلك لكونها تضع المدينة تحت حصار قاهر وتسيطر على جميع منافذها السبعة».
وأشار عضو المجلس المحلي الى أن هذه المنافذ «تتعرض لعمليات تفتيش ومراقبة دقيقة ولا يستطيع أي شخص دخول المدينة إلا وهو يحمل هوية تعريفية تثبت انه من سكان الفلوجة حصرا، إضافة الى وجود عشر قواعد عسكرية داخل مركز المدينة ووجود قاعدة السيماك الكبرى». وأضاف «ومع هذه الدوريات المكثفة، لا تفارق العربات الاميركية حتى الشوارع الفرعية في الفلوجة، وهذه الحالة التي يعيشها سكان المدينة تجعلهم وكأنهم داخل سجن كبير».
وقال المسؤول إن القيادة الأميركية أكدت على لسان قائدها في الفلوجة، في آخر اجتماع ضم المجلس المحلي إلى القيادة الاميركية في قاعدة السيماك، بحضور محافظ الانبار ورئيس المجلس المحلي الذي اغتيل أخيرا، أن «القوات الاميركية ستعيد حساباتها مع اهالي الفلوجة».
وتساءل عضو المجلس المحلي، مستنكرا، «ألا يشكل هذا تهديداً من قبل القوات الاميركية لأهالي الفلوجة؟ وما ذنب المدنيين ان يتحملوا معارك أو يتعرضوا لحرب نفسية من قبل الأميركيين؟».
ويتوقع المواطن أحمد عبد الستار (45 سنة) أن الأمور في الفلوجة «ربما تتأزم وتتصاعد أكثر فأكثر». وقال إن «القوات الأميركية غير مرحب بها في الفلوجة، والأميركيون يحاولون فرض استراتيجيتهم بالقوة من خلال المداهمات والاعتقالات المستمرة، وكذلك استفزاز المواطنين بتهديدهم عبر مكبرات الصوت أكثر من مرة بأنه إذا تجددت الأعمال المسلحة ضدهم أو إذا لم يقم سكان الفلوجة بتسليم المسلحين، فإن القوات الاميركية ستشن عملية مشابهة لتلك التي حصلت في رمضان 2004». وأضاف «لذا أعتقد بأن الفلوجة ربما تشهد معركة مقبلة ما دام الاميركيون لا يفهمون أن الشعب العراقي غير مرتاح لوجودهم».
وأشار عبد الستار الى الانتشار المكثف للمسلحين المجهّزين بمختلف أنواع الأسلحة، الذين يسيطرون أحيانا على أحياء كاملة من المدينة عند حصول مواجهات أو اشتباكات. ولفت الى أن «قدرة المسلحين تنامت أكثر من السابق والأحداث الاخيرة التي جرت في الفلوجة جعلت الناس لا يشكون في أن أزمة أمنية أو معركة عسكرية كبيرة ستقع داخل مدينتهم».
ويذكر أنه على رغم صرف أكثر من 475 مليون دولار تعويضاتٍ لأهالي الفلوجة نتيجة تعرض البيوت والمحال والسيارات للدمار الكبير في معركة رمضان 2004، والعمل في بناء أكثر من 21 مدرسة نموذجية متطورة، ومواصلة العمل في بناء مستشفى بمواصفات متطورة ونموذجية، إضافة الى وجود خمسة مراكز صحية قيد الانشاء والانجاز، تتواصل العمليات العسكرية ضد القوات الاميركية.
ويرى مراقبون ان المواطنين في الفلوجة غير مكترثين للإنجازات العمرانية في مدينتهم ويتطلعون الى خروج القوات الاميركية منها ومن العراق.
وأكد هذا الشعور المواطن عادل حمد (35 سنة) الذي قال ان «وجود (قوات) المارينز يثير القلق في نفوسنا ولا نشعر بالراحة او الاطمئنان إلى وجودهم». وأضاف «الواقع ان المستقبل غامض ونحن نسمع دائما ان الاميركيين يريدون البقاء لسنوات مقبلة في العراق، واعتقد بأنهم غير صادقين مع الشعب العراقي، وخاصة ان المارينز مستمرون بتدنيس أرض العراق والبيوت وكرامة وحقوق الانسان». ولكنه أشار الى أنه لا يتفق مع «فرضية أن هناك معركة مقبلة في الفلوجة، وذلك لأن الاميركيين يسيطرون على محيط الفلوجة ونحن نعيش احتلالا داخل احتلال، واعتقد بأن العمليات والمواجهات ستزداد، لكن ليس بمستوى المعركة التي شهدناها سابقا».