باريس ــ بسّام الطيارة
الملف اللبناني يتصدّر اهتمام الرئيس الفرنسي جاك شيراك. هذا ما تظهره متابعة الاتصالات التي يجريها، فقبل يومين أعلن القسم الإعلامي في قصر الإليزيه أن الرئيس الفرنسي أجرى اتصالاً هاتفياً برئيس وزراء السويد غوران بيرسون للتباحث في أمور عديدة، منها التعبير عن «غبطة باريس للتعاون الوثيق في مسألة حفظ السلام والتضامن الدولي».
وتعجّب البعض من ورود هذه الجملة إلى أن جاء إعلان حكومة السويد، المنتهية ولايتها، عن توجه بارجة حربية سويدية للمشاركة في مهمة مراقبة الشواطئ اللبنانية إلى جانب البحرية الألمانية. وتقول مصادر مقربة من الإليزيه إن شيراك عبّر أكثر من مرة عن رضاه عن مجرى الأمور على الأرض في لبنان، وأن المتابعة اليومية نابعة من حرصه على أن «يكمل الملف اللبناني تطوره الإيجابي».
فالأمور بالنسبة لباريس تسير في الطريق الصحيح، والأمثلة التي تعطيها هذه الأوساط كثيرة. منها صمود وقف النار والانسحاب الإسرائيلي «شبه التام برغم أن خرق الأجواء اللبنانية يمثّل انتهاكاً للسيادة اللبنانية التي يدعو القرار ١٧٠١ إلى احترامها».
أما بالنسبة للحكومة اللبنانية وللتوتر الذي يسود الأجواء السياسية، فإن الأوساط الباريسية تقول إن الحكومة تعمل «قدر المستطاع على إعادة الإعمار». وتشير هذه الأوساط إلى أن أهداف الحكومة الفرنسية في لبنان واضحة لا لبس فيها، فهي تدعو «إلى عودة السيادة الكاملة للحكومة اللبنانية على أراضيها»، كما ترى أن مسألة سلاح حزب الله يمكن حلها عبر الحوار. وتقول «إنها كانت في طريق الحل عبر طاولة الحوار» التي تدعو إلى العودة إليها.
لكن لباريس أيضاً «مطالب تنبع من هذه الأهداف» وهي «أن تستطيع لجنة التحقيق في اغتيال الرئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري تكملة عملها»، وأن تؤلّف محكمة «في أسرع وقت ممكن». وهذه المطالب مبنية، كما تقول المصادر «على قرارات صادرة عن مجلس الأمن». وتشدد على أن «صدور قرار بهذه الأهمية بغالبية أصوات المجلس، إذا كان يعني شيئاً فهو أن المجموعة الدولية تريد معرفة الحقيقة».
وترى باريس أن «مسألة مزارع شبعا دخلت في طريق يمكن أن يفضي إلى حل». وكشفت مصادر أن الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان قد اتصل أخيراً برئيس وزراء إسرائيل إيهود اولمرت للحديث عن المزارع. وتقول هذه المصادر إن «مجرد قبول أولمرت الحديث مع كوفي أنان على هذه المسألة» هو أمر إيجابي جداً، وإنه من المحتمل أن يحمل تقرير أنان التالي «بعض الأفكار بشأن حل مقبول».
كما أشارت المصادر إلى أن الأميركيين منفتحون على القبول بحل. وتجمع الأوساط الفرنسية على أنه «ليس في استطاعة باريس في المرحلة الحالية الانفتاح على دمشق» لأسباب كثيرة وفي مقدمها «أن السوريين ليسوا متقبلين لمبدأ الحوار»، وأن المطلوب من سوريا اليوم هو فقط «احترام حظر السلاح على الجهات غير الحكومية في لبنان والتعاون مع لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري».
وإذ تشير هذه الأوساط إلى أن خطة «إعادة قدرة لبنان على بناء اقتصاد قوي وإعادة الإعمار» وإعادة «سيادة مالية واقتصادية وسياسية» تعترضها «عقبات دستورية»، في إشارة واضحة إلى مقاطعة الرئيس اميل لحود من بعض الأطراف، فهي تعود لتؤكد على ضرورة الحوار اللبناني.
ولا تنفي الأوساط المطلعة أن التوتر الذي يعصف بالمنطقة من الأراضي المحتلة إلى المسألة الإيرانية يؤثر مباشرة على سير حركة إعادة السيادة في لبنان.