باريس - بسّام الطيارة
بعد غياب استمر سنة ونيفاً، يعود رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق ألان جوبيه إلى المعترك السياسي. ومن المحتمل أن توصله نتيجة انتخابات فرعية في مدينة بوردو إلى كرسي العمدة. ويهمس مقربون من الرئيس الفرنسي جاك شيراك بأنه «يتلهّف لعودة ابنه الروحي إلى الواجهة السياسية».
وكان جوبيه قد حُكم عليه بعدم العمل في الحقل العام لمدة سنة بتهمة «استغلال الوظيفة» لتوظيفه أشخاصاً مقربين من الحزب الديغولي، عندما كان المساعد الأول لعمدة باريس جاك شيراك.
ويتفق الجميع على أن جوبيه، المعروف باستقامته، «قد دفع ثمناً باهظاً لإخلاصه لشيراك وللحزب». وكان شيراك يشير إليه دائماً بـ«الأفضل بيننا» ويعدّه لتوريثه الحزب الذي بناه منذ عام ١٩٧٧ وأوصله إلى إدارة باريس ومن ثمّ إلى سدّة الرئاسة.
ويمثّل خبر عودة ألان جوبيه عاملاً موتراً جديداً لحملة وزير الداخلية نيكولا ساركوزي الانتخابية، فهو استطاع الاستفادة من أخطاء رئيس حكومته دومينيك دوفيلبان ليطرح نفسه «مرشحاً وحيداً للتجمع من أجل حركة شعبية»، وهو الاسم الجديد لحزب الديغوليين، مستفيداً من غياب جوبيه بعدما وضع يده على آلة الحزب.
وكان ساركوزي يعيّر دوفيلبان بأنه «لم يخض أي معركة انتخابية»، وأنه وصل فقط بإرادة شيراك، وهذا لا ينطبق بتاتاً على ألان جوبيه الذي خاض انتخابات عديدة منذ نعومة أظفاره السياسية ولم يخسر معركة واحدة. كما أنه كان رئيساً للحزب قبل أن يضطر للابتعاد عن السياسة. كما أنه، بخلاف ساركوزي، له «إطلالة دولية» وخبرة في العلاقات الخارجية، إذ احتل منصب وزير الخارجية في عهد ميتران. وبدأت الشكوك تحيط بمقولة «ساركوزي المرشح الطبيعي للأكثرية»، منذ أن أعلن جوبيه رغبته في العودة إلى الحياة السياسية، وهو ما دفع المجلس البلدي في بوردو، ثالث مدن فرنسا، إلى تقديم استقالة جماعية لفسح المجال أمامه لخوض الانتخابات. ويرى البعض أن وراء هذه الحركة يد شيراك، الذي، وإن بدا بعيداً عن الحزب، فهو لا يزال يمسك بالعديد من مفاصله.
ويصف مقرب من الرئيس الفرنسي ساركوزي بأنه «ساذج إن ظن أن شيراك سيتركه يأكل الحزب ويصل إلى سدّة الرئاسة». وقال «إن نقطة ضعف ساركوزي لم تتغير منذ بدأ السياسة، فهو دائماً على عجلة من أمره، يأكل الدبّ قبل أن يصطاده. وهو للمرة الثانية يحاول قتل الأب»، مذكّراً بمواقفه عندما أيّد إدوار بلادور ضد شيراك في عام ١٩٩٥ وخسر. ويقول متابعون للصراع بين ساركوزي وشيراك، إن الرئيس الفرنسي لم يقل كلمته الأخيرة، وإن درجة «الكراهية بين الرجلين» وصلت إلى حد أن شيراك، إذا لم يجد وسيلة لمنع ساركوزي من الوصول إلى الجولة الثانية من الانتخابات، فهو مستعدّ لمساعدة خصمه للفوز بالرئاسة.