طهران ــ الأخبار
تنظر طهران بترقب وحذر شديدين إلى التجربة النووية التي أجرتها كوريا الشمالية أول من أمس وردود الأفعال الدولية وتداعياتها على مستوى العالم، لتستفيد من هذا الحدث أثناء مفاوضاتها ومواجهاتها للضغوط والتهديدات الأميركية والأوروبية في شأن ملفها النووي.
ومع أن المسؤولين الإيرانيين سارعوا إلى إدانة تجربة بيونغ يانغ النووية، وإن بشكل خجول، واكدوا مجدداً موقف إيران الرافض لانتشار أسلحة الدمار الشامل والأسلحة النووية، إلا أن الحكومة الإيرانية رأت ان التجربة النووية الكورية الشمالية جاءت نتيجة السياسات الاستفزازية للولايات المتحدة الأميركية والمجتمع الدولي والسياسات الازدواجية في التعامل مع الملف النووي، حيث تدعم واشنطن الترسانة النووية العسكرية لإسرائيل التي ترفض الانضمام إلى معاهدة «حظر الانتشار النووي»، بينما تمارس الضغوط الاقتصادية والسياسية على بيونغ يانغ، وتبذل الجهود لمنع إيران من امتلاك التكنولوجيا النووية حتى لو كانت بهدف إنتاج الطاقة السلمية.
من هنا كان لا بد من أن تركز إيران على الأسباب الكامنة وراء هذا الحدث النووي الكوري والسياسات التي تسوق العالم الى سباق تسلح جديد.
وفي هذا الإطار، قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية غلام حسين إلهام، في طهران أمس، في رد على سؤال لأحد الصحافيين حول تأثير التجربة النووية في كوريا الشمالية على الملف النووي الإيراني، إن «جذور هذه القضية ترتبط بطريقة تفكير وتعامل حكام أميركا والقوى الاستكبارية، وللأسف فإن من يهيمنون على مجلس الأمن الدولي هم من يملكون الترسانات النووية ويستعينون بهذا المجلس من أجل الوصول إلى أهدافهم».
وأشار إلهام إلى أن إيران أعلنت مراراً انتقادها لإنتاج واختبار الأسلحة النووية وتأكيدها على ضرورة نزع الأسلحة النووية، حيث إنه «لا يمكن القضاء على تهديد الاسلحة النووية إلا بنزع كل أنواع أسلحة الدمار الشامل».
وأوضح المتحدث أن معارضة إيران للأسلحة النووية هي معارضة مبدئية وعقائدية، مضيفاً أنه «على الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن توفر لجميع البلدان، وفي إطار القانون، إمكان الاستفادة من التقنية النووية المدنية، وألّا تسير في طريق معاكس».
وشدّد إلهام على أن الاستخدام السلمي للطاقة النووية متاح للجميع، والاستخدام العسكري للطاقة النووية وأسلحة الدمار الشامل خطر ومحظور على الجميع، مشيراً إلى أنه «لو طبقت هذه المعادلة بشكل عادل، لأزالت كل هذه التهديدات، وعلى الكيان الغاصب للقدس (إسرائيل) الامتثال لهذه المعادلة».
وجدد المتحدث، من ناحية أخرى، تأكيد بلاده أنها لا تسعى لامتلاك أسلحة نووية، مشيراً إلى «عمل إيران في المجال الذري يتسم بالشفافية. ويجب ألّا يُعَدُّ خطراً».
من ناحية أخرى، كرَّست الصحافة الإيرانية أمس صفحاتها الأولى للحدث الكوري الشمالي وارتباطه بالملف النووي الإيراني، فضلاً عن مستقبل المفاوضات بين طهران والغرب. ورأت بعض الصحف أن التجربة الكورية الشمالية، رغم معارضة إيران لها ولامتلاك أسلحة نووية أو استخدامها، تمثل تكريساً لنجاح سياسة فرض الأمر الواقع والقبول بكوريا الشمالية بلداً نووياً بامتياز، مشيرة بالتالي، إلى أنه «على أميركا والغرب القبول بواقع إيران النووية مع فارق أنها سلمية»، علماًً بأن مصادر أوروبية وغربية كانت قد ذكرت أن الفنيين والخبراء النوويين الكوريين الشماليين شاركوا في تدريب العلماء النوويين الإيرانيين.
وفي المقابل، ثمة مخاوف من أن تستغل واشنطن وتل أبيب الحدث لمواصلة السياسة الازدواجية في الملفين النوويين الكوري الشمالي والإيراني عبر المزيد من ممارسة الضغوط على طهران، للتعويض عن الإخفاق مع بيونغ يانغ.
يذكر أن إيران هي من بين الدول الموقعة على معاهدة «حظر الانتشار النووي»، وقد أعلنت أنها لا تعتزم الانسحاب من المعاهدة.
وكانت كوريا الشمالية أيضاً من بين الدول الموقعة على المعاهدة، لكنها انسحبت منها العام 2003 بعد أن اعترفت بأن لديها برنامج تخصيب سري وطردت مفتشي الأمم المتحدة.