العراق ــ الأخباروقّعت الكتل البرلمانية العراقية «وثيقة العهد» التي حرّمت الدم العراقي، الذي ظل ينزف، واستمرت الهجمات على المدنيين، في وقت قد تلغي تداعيات إقرار قانون «آليات واجراءات تشكيل الأقاليم» المثير للجدل، مفاعيل هذه الوثيقة، على الأقل التوافق الذي أحدثته بين مختلف الكتل البرلمانية
توسّمت الحاجّة أم محمد خيراً، وهي ترى قادة الكتل السياسية في العراق يوقّعون على «وثيقة العهد» في شهر رمضان، وبدت على وجهها البسمة التي غابت عنه منذ مدة بسبب الوضع الأمني المتردي الذي تعيشه البلاد.
إلا أن فرحة الحاجّة لم تدم سوى ساعات وهي تسمع أصوات الإنفجارات والمواجهات المسلحة بين القوات الحكومية والمسلحين وبين المسلحين أنفسهم، بالإضافة الى سماعها بعد يوم واحد، من خلال نشرات الأخبار، العثور على عدد من الجثث في ارجاء من العاصمة.
وتساءلت أم محمد ومعها العديد من المواطنين عن جدوى هذه الوثيقة التي حرّمت نزف الدم العراقي، وأين ذهبت وعود السياسيين، وهل ان هؤلاء السياسيين وقادة الكتل السياسية لا يستطيعون السيطرة على الشارع؟
فالإحصائيات تشير الى استمرار العنف والاحتقان الطائفي والتفجيرات في بغداد بعد توقيع «وثيقة العهد»، إذ سجل بعد توقيع هذه الوثيقة في الثاني من الشهر الجاري ولغاية يوم أمس ضمناً، عشرات الهجمات أسفرت عن مقتل نحو 110 وإصابة العشرات، بينهم 43 قضوا أمس في بغداد والموصل وبعقوبة وكركوك وسامراء، فضلاً عن العثور على نحو 200 جثة، بينهم 40 في بغداد أمس.
وشهدت هذه الأيام عدداً من حالات الاغتيال للمسؤولين، كان أبرزها اغتيال شقيق نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، والنائب محمد رضا محمد، واغتيال مدير مكتب الشؤون الداخلية في وزارة الداخلية، وآية الله السيد محمد الموسوي القاسمي، الأمين العام لحزب الوحدة الإسلامية وأحد مؤسسي جبهة «مرام»، بالإضافة الى عمليات تهجير واسعة شملت عدداً كبيراً من المناطق.
وقال رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب هادي العامري إن «الإرهابيين من البعثيين والصدّاميين والتكفيريين يستمرون في مشروع إراقة نزف الدم العراقي»، فيما حمّل وكيل وزير الدولة لشؤون الأمن الوطني عقيل الصفار «الجهات التي لم تحضر مؤتمرات المصالحة الوطنية ولم تفتح باب التحاور مع الحكومة العراقية مسؤولية تدهور الوضع الأمني الذي يشهده البلد».
ورغم استمرار أعمال العنف، إلا أن المتحدث الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة العميد قاسم الموسوي أعلن أن «هناك انخفاضاً ملحوظاً في مستوى العمليات الإرهابية، نتيجة تنفيذ المرحلة الثانية من خطة (معاً إلى الامام) في بغداد».
وكان فريق من الباحثين في الولايات المتحدة قد أصدر تقريراً يشير الى أن أكثر من 655 ألف عراقي قتلوا منذ عام 2003 حتى تموز الماضي.
في غضون ذلك، أعلنت «منظمة المؤتمر الإسلامي» أن قيادات دينية سنية وشيعية في العراق سيجتمعون في مدينة مكة في السعودية في 19 و20 الجاري للإعلان عن «وثيقة مكة المكرمة» التي تستهدف حقن دماء المسلمين في العراق.
وقالت المنظمة، في بيان أمس، إن مبادرة منظمة المؤتمر الإسلامي «تقتصر على جانب النزاع الطائفي لإخماد جمرته باعتبار أن هذا النزاع، بما ينطوي عليه من خلفيات دينية، يكون عادة أكثر النزاعات دموية وعنفاً».
في غضون ذلك، ظهرت دلائل أزمة داخل تنظيم «القاعدة» في العراق، حيث دعا الشيخ أبو أسامة العراقي، أحد قادة «الجهاد في بلاد الرافدين»، زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن الى «حل بيعة» الفرع العراقي للتنظيم، في شريط فيديو بثّ على شبكة الانترنت.