أثار مشروع قانون فرنسي يرى أن إنكار “الإبادة الجماعية” ضد الأرمن قبل أكثر من 90 عاماً جريمة، غضباً في تركيا التي هددت بمقاطعة الشركات الفرنسية، فيما نأت حكومة باريس بنفسها عن مشروع القانون، الذي صاغه الحزب الاشتراكي المعارض، مؤكدة على استمرار الحوار مع أنقرة
وصوّت أعضاء الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) أمس بغالبيةكبيرة (106 أعضاء أيّدوا و19 عارضوا) على مشروع القانون، الذي يعاقب كل من ينفي الإبادة الجماعية بعام واحد في السجن وغرامة تصل إلى 45 ألف يورو.
أما الحكومة الفرنسية فقد أعلنت أمس أنها لا تؤيد مشروع القانون الذي أقرّته الجمعية الوطنية الفرنسية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، جان باتيست ماتيي، في مؤتمر صحافي، «إننا متمسكون جداً بالحوار مع تركيا وبعلاقات الصداقة والتعاون المتينة التي تربطنا بهذا البلد».
وشدد ماتيي على ان التصويت على هذا القانون إثر قراءة أولى ما هو سوى «بداية عملية تشريعية طويلة»، في إشارة الى طرح مشروع القانون أمام مجلس الشيوخ قبل أن يصبح قانوناً.
في المقابل، أعلنت وزارة الخارجية التركية أن تبنّي الجمعية الوطنية هذا المشروع وجّه «صفعة قاسية» للعلاقات الفرنسية التركية، واصفة، في بيان أمس، الخطوة التي اتخذتها الجمعية الوطنية بأنها «إجراء غير مسؤول» يستند إلى «تأكيدات ضعيفة». وأوضح البيان أنه «مع مشروع القانون هذا، تخسر فرنسا للأسف موقعها المميز لدى الشعب التركي”.

وقال رئيس البرلمان التركي بولنت آرينك إن «القانون المقترح مخز ومعاد للشعب التركي»، مضيفا أنه «سيمثل صفعة ضد حرية الرأي والتفكير وغير مقبول لتركيا».
بدوره، قال وزير الاقتصاد التركي علي باباجان إنه لا يستطيع أن يستبعد تأثر التجارة مع فرنسا بقرار الجمعية الوطنية الفرنسية تأييد مشروع القانون حول الأرمن، ولم يستبعد أن “تكون له عواقب وخيمة”.
وأضاف باباجان، الذي يرأس فريق التفاوض في محادثات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، خلال مؤتمر صحافي عقده في بروكسل امس، ان الحكومة التركية لا تشجع مقاطعة السلع الفرنسية لكن هذا قرار الشعب”.
وفي بروكسل، أشارت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية الى أن مفوض شؤون التوسعة في الاتحاد الأوروبي اولي رين حذّر أكثر من مرة في الأيام القليلة الماضية من أن هذا سيضرّ بالجهود المبذولة في تركيا وأرمينيا لحلّ الخلاف.
وقالت المتحدثة باسم الاتحاد، كريستينا ناجي، في مؤتمر صحافي، “عندما يبدأ سريان هذا القانون، فإنه سيمنع الحوار الضروري للمصالحة في هذه القضية”. وأوضحت أن الاعتراف بأن “عمليات القتل التي جرت في عام 1915 إبادة جماعية” ليست شرطاً مسبقاً للانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، مضيفة أن “القانون لا يكتب التاريخ. يجب أن يتناقش المؤرخون”.
وفي يريفان، رحّبت أرمينيا بتبني النواب الفرنسيين اقتراح القانون ورأت أنه “رد فعل طبيعي” للسياسة “العدائية” التي تنتهجها تركيا لإنكار وقوع الإبادة.
كما رحب المتحدّرون من أصل أرمني في القدس المحتلة، حيث يعيش 2500 منهم في الحي القديم، بإقرار القانون.
وفي أثينا، انتقد المتحدث باسم الخارجية اليونانية جورج كوموتساكوس أمس «التهديدات» و«اللهجة اللاذعة» التي تعتمدها تركيا حيال فرنسا بشأن اقتراح القانون الفرنسي.
وانتقدت أذربيجان، الحليفة التقليدية لتركيا، تبنّي النواب الفرنسيين اقتراح القانون. وقال المتحدث باسم الرئيس الأذربيجاني الهام علييف إن الجمعية الوطنية الفرنسية “وقعت تحت تأثير الدوائر الأرمنية”.
وكانت العلاقات الثنائية قد شهدت انتكاسة مماثلة في عام 2001 عندما مرّر الفرنسيون قانوناً يرى أن مقتل آلاف الأرمن خلال عهد الأمبراطورية العثمانية «إبادة جماعية».
وتنفي تركيا أقوال الأرمن التي تفيد أن حوالى 1.5 مليون شخص منهم قتلوا في الإبادة التي حدثت في السنوات الأخيرة من عمر السلطنة العثمانية بين عامي 1915 و1917.
(د ب أ، اف ب، رويترز، ا ب)