القاهرة ــ خالد محمود رمضان
لم تكن الأزمة الداخلية الفلسطينية الجزء الوحيد في مهمة رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية عمر سليمان أول من أمس في دمشق، فالعلاقات بين مصر وسوريا كانت على جدول أعمال المسؤول المصري، الذي التقى الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) خالد0 مشعل.
وقالت مصادر مصرية إن القاهرة تنتظر موافقة «حماس» على عرض مصري لعقد صفقة تبادل أسرى بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، موضحة أن القاهرة أبلغت «حماس» أن تمرير هذه الصفقة بات ضرورة حتمية لتفادي تصعيد إسرائيلي متوقع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وكشفت المصادر نفسها عن أن عمر سليمان أطلع مشعل على معلومات مصرية باحتمال إقدام رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت على تصعيد الموقف في قطاع غزة لمواجهة الضغوط التي يتعرض لها في الداخل الإسرائيلي.
وشكلّت زيارة سليمان إلى سوريا أحدث زيارة لمبعوث مصري رفيع المستوى منذ توتر العلاقات الثنائية بين القاهرة ودمشق خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان، علماً بأن تكهنات قد راجت حول عقد قمة مصرية ــ سورية في القاهرة يوم الثلاثاء الماضي، لكنها لم تعقد لأسباب غير معلنة.
وقال ديبلوماسي غربي في القاهرة، لـ«الأخبار» إن تواجد سليمان في هذا التوقيت في دمشق يعكس أزمة في العلاقات المصرية السورية.
ولاحظت مصادر ديبلوماسية عربية أن القاهرة ودمشق التزمتا الصمت حيال فحوى الرسالة التي نقلها سليمان من الرئيس المصري حسني مبارك إلى الأسد، لكن ثمة توقعات بأن تكون تتعلق برغبة مصر فى تخفيف دمشق من «الضغوط» التي تمارسها على «حماس» وتمنعها من المضي قدماً فى إبرام صفقة تبادل الأسرى.
وبحسب مصادر فلسطينية، فقد ناقش مشعل مع سليمان أهمية الإسراع في تأليف حكومة فلسطينية جديدة والعمل على تقريب وجهات النظر بين «حماس» و«فتح»، إضافة إلى العمل على احتواء التوتر الميداني بين الجانبين وتجنب أي تصعيد. وتطرق الاجتماع أيضاً إلى ملف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط وآليات التعامل معه.
وقالت مصادر مقربة من «حماس» إن مشعل أكد مجدداً رغبة الحركة في تفادي حرب أهلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وشكا مما وصفها بأنها «محاولة تدبير انقلاب غير دستوري لإسقاط الحكومة الفلسطينية». وتحدث عن عدم إمكانية تجاوز «حماس» أو تجاهل قوتها فى الشارع الفلسطيني، كما حذّر من مغبة عدم احترام الخيارات الديموقراطية للشعب الفلسطيني.
وكشفت المصادر النقاب عن أن مشعل طلب من مصر مساعدته في الوصول إلى صيغة مرنة تجعل «حماس» على رأس الحكومة من دون أن تضطر إلى إعلان موافقتها على مشاريع السلام السابقة مع إسرائيل أو الاعتراف بها كدولة.
وقالت مصادر في «حماس»، لـ«الأخبار»، إن الحركة لمست مرونة من المسؤول المصري، الذي أبلغها «تفهّم» مصر لرغبة «حماس» عدم الاعتراف بإسرائيل، إلا أنه أوضح أن الأميركيين يشددون على مطالب اللجنة الرباعية.
وأضافت المصادر نفسها أن سليمان عرض تأليف حكومة تكنوقراط مستقلين، وتحدث عن رزمة تفاهمات على القضايا العالقة، وبينها صلاحيات الرئاسة والحكومة والترتيبات الأمنية، من دون الخوض في تفاصيلها، وأعرب عن استعداد القاهرة لبذل مساع لتهدئة الوضع في قطاع غزة.
وتوقّعت المصادر عرض صيغة حل تكون عبر تأليف حكومة «شبه وحدة وطنية»، تضم أسماء من «فتح» و«حماس»، إضافة إلى شخصيات من التكنوقراط، تكون ولايتها سنة واحدة، على أن تقلص ولاية الرئيس محمود عباس إلى منتصف 2007 بدل 2008، وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة في 2007.
وأضافت المصادر «الحماسوية» أنه لا توجد حتى الآن أية مبادرة جدية ومقبولة من الأطراف كافة لحل الأزمة الداخلية الفلسطينية، مشيرة إلى وجود وثيقة الأسرى المعدّلة، التي وافقت عليها مختلف الأطراف الفلسطينية، والتي تصلح كمنطلق للحل.