واشنطن ــ طارق منصوربغداد ــ الأخبار

ظهرت أنباء عن السعي لانقلاب «أبيض» في العراق، وكأنه ضرب من الجنون. العراق تراق دماء بنيه كل يوم، من دون أن تتمكن الحكومة من أن تضبط الأمن. فهل يمكن أن يكون «أبيض» أي انقلاب يحدث في هذه الحقبة العراقية «الحمراء»؟

وصلت إلى الإدارة الأميركية، في الآونة الأخيرة، أفكار تروج لانقلاب أبيض في العراق «يوقف التدهور الحاصل ويمنح القيادتين العراقية والأميركية فرصة لوضع حد للاقتال الطائفي».
فقد تلقت الإدارة الأميركية، بحسب مصدر في البيت الأبيض، تقارير عن قيام رئيس «الجبهة العراقية للحوار الوطني» السنية صالح المطلك بجولة على عدد من العواصم العربية في الصيف الماضي روج خلالها لفكرة «حكومة إنقاذ وطني» قد تحظى بالدعم الأميركي.
وعكف مسؤولون رفيعو المستوى في الاستخبارات العراقية على تدارس خطة «انقلاب أبيض» تقضي بتنحي رئيس الوزراء نوري المالكي، على أن تؤلف لجنة خماسية من القوى العراقية الأساسية لقيادة البلاد، تعمد بدورها إلى تعليق البرلمان وإعلان الأحكام العرفية، فضلاً عن استدعاء عدد من ضباط الجيش العراقي المنحل إلى الخدمة.
ولفتت المصادر الأميركية إلى أن الاستياء من حكومة المالكي وصل إلى بعض الأوساط الشيعية والكردية، ولم يعد قاصراً على القوى السياسية السنية.
وبينما يجري بشكل جدي درس فكرة اللجنة الخماسية، عاد إلى الواجهة اسم رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي لكونه أحد المرشحين البارزين لعضوية اللجنة. وتقدر هذه المصادر أن علاوي لا يزال في نظر الكثير من العراقيين الرجل القوي الذي يملك مفاتيح الحل بسبب تاريخه البعثي وعلاقاته القوية بالإدارة الأميركية.
وبحسب مصدر أميركي، فإن الفوضى في العراق بدأت تؤثر على مواقف شخصيات مثل الزعيم الشيعي السيد مقتدى الصدر الذي «اشتكى أخيراً إلى مسؤول رفيع المستوى في الاستخبارات العراقية من أن الكثير من (فرق الموت الشيعية)،ء التي تعمل تحت راية (جيش المهدي) الذي يتزعمه، إنما هي مجموعات من الحرس الثوري الإيراني ولا تأتمر بسلطته».
ويثير الحديث عن انقلاب أبيض في العراق ارتباك الإدارة الأميركية، ولا سيما أن انتشاره على نطاق واسع وتعزيز حظوظه يعدّ انتكاسة لما تصفه إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش بالنجاح الأوحد ربما، وهو إقامة حكومة ديموقراطية، لذا من المستبعد أن يلقى دعمها.
وأرجع مسؤولون أميركيون إمكان رواج سيناريو الانقلاب الأبيض إلى تاريخ الانقلابات في العراق، فضلاً عن إحباط البيت الأبيض الذي بات علنياً من قيادة المالكي. ويضاف إلى ذلك المساعي الحثيثة التي يبذلها السفير الأميركي لدى العراق زلماي خليل زاد لمد الجسور مع رموز بعثية سابقة وقادة بعض الفصائل المسلحة.
في غضون ذلك، أحيا مئات الآلاف من الشيعة في النجف أمس ذكرى مقتل الإمام علي، وسط إجراءات أمنية مشددة لم يسجل خلالها أي حادث يذكر.
واستقبلت النجف، بين ليلة السبت وصباح أمس، أعداداً كبيرة من الزائرين «فاقت المليون» للمشاركة في إحياء الذكرى. وتوافد الزائرون من محافظات العراق ودول الجوار، وخاصة إيران. واتخذت إجراءات أمنية مشددة تضمنت نشر 20 ألف عسكري.
ميدانياً، أعلنت مصادر أمنية مقتل 21 شخصاً في أعمال عنف متفرقة في العراق أمس بينهم 11 في خمسة انفجارات هزت مدينة كركوك بعد حوالى أسبوع من تطبيق خطة أمنية هدفها وضع حد لعمليات التفجير والاغتيالات في المدينة، وسبعة في انفجار عبوتين ناسفتين في بغداد استهدفتا موكب وكيلة وزير الداخلية للشوؤن المالية هالة محمد شاكر التي لم تصب بأذى، فضلاً عن ثماني نساء من عائلة واحدة جنوب بغداد.
وأعلن الجيش الأميركي أمس مقتل سبعة من جنوده في هجمات في العراق منذ يوم الجمعة، ثلاثة منهم في انفجار عبوة ناسفة جنوب بغداد أول من أمس.
من ناحية أخرى، أعلن تحالف للميليشيات السنية في العراق بقيادة تنظيم «القاعدة»، في شريط مصور بثته قناة «الجزيرة» الفضائية أمس، قيام «دولة العراق الإسلامية»، رداً على إقرار البرلمان العراقي قانون تشكيل الأقاليم.
وقال ممثل للتحالف ظهر في الشريط: «يزف إليكم حلف المطيبين بشرى إنشاء وإقامة دولة العراق الإسلامية»، داعياً «المجاهدين وعلماء العراق وشيوخ العشائر وعامة أهل السنة إلى بيعة أمير المؤمنين الشيخ أبو عمر البغدادي».
وهذا الشيخ الذي يعلن اسمه للمرة الأولى سيكون، بحسب ممثل التحالف، مرشد الدولة الجديدة التي أُعلنت «في بغداد والأنبار وديالا وكركوك وصلاح الدين ونينوى وأجزاء من محافظة بابل وواسط».
على صعيد آخر، أعلنت وزارة الدولة لشؤون الحوار الوطني تأجيل موعد «مؤتمر القوى السياسية»، الذي كان متوقعاً في 21 من الشهر الجاري، «إلى موعد غير محدد لأسباب خارجة عن إرادتنا».
إلى ذلك، كشفت صحيفة «أوبزيرفر»، الصادرة في لندن أمس، أن المخططين العسكريين يطالبون قادة الجيش البريطاني بالعمل على سحب نصف قواتهم من العراق بهدف إسناد المعركة الدائرة مع قوات حركة «طالبان» في أفغانستان.
وقالت الصحيفة إن المخططين يأملون سحب نسبة تتراوح ما بين ثلث ونصف القوات البريطانية المنتشرة في العراق والبالغ قوامها نحو 7500 جندي، في موعد أقصاه أيار المقبل، مشيرة إلى أن مثل هذه المواقف تعكس القلق المتزايد حول الضغوط التي تعاني منها القوات البريطانية بسبب تكليفها بمهام تفوق طاقتها.