القاهرة ــ عبد الحفيظ سعد
توفيت فتاة وأُصيب أكثر من 150 شخصاً في وباء غامض اجتاح محافظة الدقهلية على دلتا النيل، تقول الحكومة المصرية إنه مرض “التيفوئيد”. لكن الأهالى يؤكدون أنه “الكوليرا”، مشيرين إلى أن سيارات حكومية جالت على قرى المحافظة تطلب منهم غلي مياه الشرب مع الليمون، وهو نداء لم يستخدم إلا في مقاومة وباء الكوليرا الذي ضرب مصر أكثر من مرة، آخرها في سبعينيات القرن الماضي، وأخطرها بعد الحرب العالمية الثانية في العام1947.
وحولت الصحف المعارضة الخوف من الوباء الغامض إلى معركة سياسية ضد النظام، فخرج “مانشيت” صحيفة “العربي”، لسان حال الحزب الناصري، يتحدث عن “شبح الكوليرا”، مشيراً إلى أنها المرة الأولى منذ 60 عاماً التي تتجدد فيها المخاوف من عودة الطاعون.
وركزت صحيفة “الوفد” على تبادل الاتهامات بين الأجهزة الحكومية، وخصوصاً في ما يتعلق بتلوث مياه الشرب واختلاطها بمياه الصرف الصحي، وهو ما أدى إلى امتناع الناس عن الشرب من مياه “الحكومة” واستبدالها بالمياه المعبأة في زجاجات، التي تضاعفت أسعارها بشكل جنوني في المحافظات.
وأدى الوباء إلى وفاة الفتاة شريهان ممدوح (8 سنوات) في إحدى قرى مدينة المنصورة وإصابة ما يزيد على 150 آخرين دخلوا المستشفيات وسط حالة من الذعر الذي رفع حدته التضارب بين تصريحات وزارة الصحة، التي عزت السبب إلى تلوث مياه الشرب، والإدارات المحلية، التي أعلنت أن سبب انتشار المرض تلوث الأطعمة والخضروات والأسماك بميكروب “السالمونيلا” المسبب للتيفوئيد .
ويصر المسؤولون عن الصحة على أن الوضع لم يصل إلى حد “الوباء”؛ فقد نفى وزير الصحة الدكتور حاتم الجبلي وجود “الكوليرا”، مشيراً إلى أن أعراضها تتشابه مع أعراض التيفوئيد.
ورغم هذه التطمينات، إلا أن انتشار الحالات وانتقال المرض إلى قرى أخرى في المحافظة نفسها عزز الإحساس بعدم التصديق، وخاصة أن نداءات غلي المياه تزامنت مع أخبار انتشار الكوليرا في شمال السودان.
ولأن الميكروب ينتقل عبر المياه، أصبح الأهالي أكثر ميلاً إلى الاقتناع بأن المرض انتقل عبر النيل، المصدر الأساسي للمياه في مصر.