بعد انحسار تداعيات التجربة النووية الكورية الشمالية الأولى، تنصبّ الجهود الدولية على منع قيام بيونغ يانغ بتجربة مماثلة ثانية، أعلنت عن إمكانية حدوثها الولايات المتحدة الأميركية واليابان وكوريا الجنوبية، فيما لمّحت الى ذلك الدولة الشيوعية، رابطة بين حدوثها وبين موقف واشنطن من الأزمة. ورأى البيت الأبيض أمس أنه من “المعقول” توقّع إجراء كوريا الشمالية تجربة نووية ثانية. وحذر النظام الشيوعي من أن القيام بتجربة كهذه “لن يكون أمراً جيداً” له، مضيفاً أن الولايات المتحدة لن تفاجأ إذا ما حاولت كوريا الشمالية إجراء تجربة نووية ثانية حتى تكون استفزازية.
أما مساعد وزيرة الخارجية الأميركية كريستوفر هيل فقال من جهته، عقب محادثات مع مسؤولين كوريين جنوبيين في سيول، “كلّنا سنعتبر إجراء تجربة ثانية رداً حربياً من جانب كوريا الشمالية على المجتمع الدولي”. وأضاف: “أعتقد أن كوريا الشمالية تحت انطباع ما، أنه بمجرد أن تجري تجارب نووية سنحترمها أكثر. الحقيقة هي أن قضية التجارب النووية تجعلنا نقلّل من احترامنا لها”.
وتزامن هذا الموقف الأميركي مع مناورات عسكرية أجرتها قوات المشاة العسكرية الأميركية في شورون بالقرب من الحدود الفاصلة بين الكوريتين، على بعد 80 كيلومتراً تقريباً من سيول.
وكانت بيونغ يانغ قد حذرت من أنها قد تقوم بتجربة جديدة، مشيرة إلى أن الأمر يتوقف على موقف الولايات المتحدة.
وفي هذا السياق، طالب وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ أمس بأن تحجم كوريا الشمالية عن إجراء المزيد من التجارب النووية وحثّوها على إلزام نفسها بحظر إجراء تجارب صاروخية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ليو جيانشو إن بكين “ستعارض” إجراء كوريا الشمالية تجربة نووية ثانية، فيما أوضح وزير الدفاع الروسي سيرغي إيفانوف أن رد روسيا على أي تجارب نووية قد تجريها كوريا الشمالية مجدداً سيكون سلبياً.
أما رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، فقال من جهته: إن المجتمع الدولي سيقف في وجه تهديدات كوريا الشمالية الأخيرة، وحثّ على تعزيز خطة العزل لأخذ قرار عقوبات الأمم المتحدة على محمل الجد.
وقال وزير الخارجية الياباني تارو آسو إن طوكيو تلقت معلومات بأن كوريا الشمالية تستعد لإجراء تجربة نووية ثانية. وذكرت وكالة أنباء “كيودو” أن آسو ألمح الى تلقيه المعلومات من الحكومة الأميركية.
في هذا الوقت، ذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية جان بابتست ماتيي أمس أن أي تحرك من قبل بيونغ يانغ سيتطلب رداً أقسى من المجتمع الدولي، مضيفاً أن “فرنسا ليس لديها إثباتات حول تقارير كوريا الجنوبية واليابان، التي تشير الى أن كوريا الشمالية قد تؤدي تجربة نووية ثانية”. وأضاف “من البديهي أن قيام كوريا الشمالية بتجربة جديدة سيكون تصرفاً غير مسؤول سيزيد من عزلتها”.
وفي هذا السياق، رفض الرئيس الأميركي جورج بوش إجراء حوار ثنائي مع بيونغ يانغ، ورأى أن الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة وجيران كوريا الشمالية سيرغم الزعيم الكوري الشمالي كيم يونغ إيل على القيام بـ“بعض الخيارات”.
وقال لشبكة التلفزيون الأميركية “فوكس نيوز” أمس: “في الوقت الراهن نشير، ليس فقط الولايات المتحدة ولكن دول أخرى أيضاً، بوضوح تام الى كوريا الشمالية إلى أن هناك الأفضل الذي ينتظرها”.
في غضون ذلك، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الكورية الشمالية إن “قرار مجلس الأمن الدولي لا يمكن أن يفسر إلا بأنه إعلان حرب على جمهورية كوريا الشعبية الديموقراطية، لأنه يقوم على سيناريو الولايات المتحدة الساعي الى القضاء على النظام الاشتراكي”.
وأضاف المتحدث “كما أعلنّا سابقاً، سنتحمل مسؤوليتنا في نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية. إلا أننا سنوجه ضربات بلا رحمة ومن دون تردد الى كل من يحاول انتهاك سيادتنا وحقنا في الاستمرار بحجة تنفيذ قرار مجلس الأمن”.
وفي سيول، دعا رئيس الوزراء الروسي ميخائيل فرادكوف ونظيرته الكورية الجنوبية هان ميونغ ـ سوك أمس إلى تطبيق “كامل” للقرار الذي تبنّاه مجلس الأمن الدولي السبت رداً على التجربة النووية التي قامت بها كوريا الشمالية.
من جهة ثانية، وصلت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس الى عاصمة كوريا الجنوبية أمس في جولة تشمل الصين وروسيا، حيث ستسعى إلى تعزيز الموقف الموحد تجاه كوريا الشمالية واستئناف المحادثات السداسية التي تهدف إلى إقناع كوريا الشمالية بالتخلي عن طموحاتها النووية.
(ا ف ب، رويترز، ا ب، يو بي آي )