بول الأشقر
بعد ست عشرة جولة، بقي مقعد أميركا اللاتينية، لعامي 2007 و2008 في مجلس الأمن الدولي، حائراً بين غواتيمالا وفنزويلا. وفيما توزّعت مقاعد القارات الأخرى من الجولة الأولى، بالتراضي في أوروبا وأفريقيا، حيث فازت كل من بلجيكا وإيطاليا وأفريقيا الجنوبية، وبالمنافسة في آسيا حيث تغلبت أندونيسيا على النيبال، لم تحصل أي من الدولتين اللاتينيتين على نسبة ثلثي الأصوات المطلوبة في الجمعية العمومية لإحراز المقعد المخصص لأميركا اللاتينيةوإضافة إلى الأعضاء الثابتين (الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين) والأعضاء الجدد، الذين تم اختيارهم الإثنين الماضي، يتألف مجلس الأمن حالياً من سلوفاكيا وغانا وجمهورية الكونغو الديموقراطية والبيرو وقطر، وتنتهي ولاية هذه الدول نهاية عام 2007.
وتبيّن من الجولة الأولى، التي جرت بالاقتراع السري في الجمعية العمومية، أن غواتيمالا تتمتع بالأكثرية المطلقة، ولكن فنزويلا حظيت بالثلث المعطل. وفيما المطلوب الحصول على 126 صوتاً ما يمثل ثلثي أصوات الأعضاء الـ192، نالت غواتيمالا 109 أصوات في مقابل 76 صوتاً لفنزويلا. وتجددت هذه النتيجة تقريباً في كل الجولات، حيث نالت دائماً غواتيمالا أصواتاً تتراوح بين 96 و116، فيما تأرجحت حصة فنزويلا بين 70 و89 صوتاً، لكن في الجولة السادسة، تعادلت الدولتان بـ93 صوتاً لكل منهما.
وفيما تبقى المنافسة محصورة بين الدولتين المرشحتين خلال الجولات الأربع الأولى، يجوز الاقتراع لأية دولة أميركية لاتينية بدءاً من الجولة الخامسة، وقد نالت مكسيكو وكوبا صوتاً واحداً في عدد من الجولات. والعادة تقضي بأن تنسحب إحدى الدول المتنافسة بعد الجولة الرابعة أو يتم التوصل إلى مرشح توافقي ثالث، إلا أن الأمر لم يحصل في المنافسة الحالية.
وتمثّل المنافسة الحالية بين غواتيمالا وفنزويلا إحدى أقسى المعارك التي عرفتها الأمم المتحدة في السنوات الأخيرة. وتُذكّر المراقبين بتلك، التي حدثت عام 1979 بين كوبا وكولومبيا، ودامت ثلاثة أشهر وتطلّبت 154 جولة انتخاب إلى أن فازت المكسيك، التي ترشحت بعد انسحاب كوبا.
وترفض فنزويلا اعتبار تنافسها قائماً مع غواتيمالا، بل تؤكد أنها تخوض المعركة ضد الولايات المتحدة، التي تريد فرض إرادتها على الجمعية العمومية بمنعها من الدخول إلى مجلس الأمن. والولايات المتحدة تجنّد كل قواها منذ أشهر لمنع حصول هذا الاحتمال. ومندوبها جون بولتون، الذي تحوّل فعلياً إلى مدير حملة غواتيمالا، لم يهدأ في اليومين الأخيرين ولم يتردد في القول إنه «يخوض المعركة حتى النهاية وإن انتخاب فنزويلا قد يتحول إلى كارثة على الأمم المتحدة».
في المقابل، أعلنت فنزويلا أنها لن تسحب ترشحها. ووزعت أول من أمس علب حلوى على جميع الناخبين، إضافة إلى بيانات كتبت عليها شعارات من نوع «إرفع رأسك ولا تقبل بأن يقرروا عنك».
كل ذلك يعني أن المأزق قد يطول، ولا يرجّح المراقبون أي حلحلة قبل أيام. وفي نهاية المطاف، قد يصبح اللجوء إلى مرشح توافقي حتمياً، وقد يرسو الأمر على الأوروغواي، في حال اختيار بلد من أميركا الجنوبية، أو على كوستاريكا أو باناما في حال اختيار دولة من أميركا الوسطى.