استبقت طهران امس العقوبات المزمع أن يفرضها عليها مجلس الأمن الدولي بسبب برنامجها النووي، بتهديد واضح امتد الى التحذير من «تدهور الوضع الإقليمي» وإدخال منطقة الشرق الأوسط برمّتها في أي تصادم لاحق، فيما رفضت موسكو العقوبات «غير المتناسبة»، متسلحة بتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي «لم تقل إن هناك خطراً على السلام والأمن».وحذرت إيران امس القوى الكبرى من أن إصدار مجلس الأمن قراراً ضدها، لن يؤدي إلا الى جعل الوضع «اكثر تعقيداً» في المنطقة وفي مجال علاقات إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك في أعقاب إعلان وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي أول من امس أنه لم يعد «يملك خياراً آخر» سوى استئناف المشاورات حول احتمال فرض عقوبات على طهران في مجلس الامن، رغم أنه أبقى باب التفاوض مفتوحاً.
وشدد كبير المفاوضين الايرانيين حول الملف النووي علي لاريجاني امس على أنه «إذا خضع الاوروبيون للضغوط الاميركية، فسيؤدي ذلك الى جعل الوضع اكثر تعقيداً، وفي مثل هذه الظروف، ستكون إيران الاقل تأثراً والغرب الاكثر تأثراً»، مشيراً الى ان الدول الاوروبية ستكون الخاسرة إذا انضمت الى موقف الولايات المتحدة في ما يتعلق بالملف الايراني.
ولوّح لاريجاني بشبح «تدهور الوضع الاقليمي»، الامر الذي سيكون الاميركيون «اول ضحاياه»، محذراً من أن «المغامرة التي تقودها الولايات المتحدة ستكون لها عواقب على المستوى الاقليمي»، من دون ان يكشف طبيعة هذه العواقب.
وقال كبير المفاوضين الايرانيين «ثبت أن سياسة العصا والجزرة فاشلة وكل قرار جديد يصدر عن مجلس الامن سيؤخر احتمال التوصل الى توافق».
وأعلن لاريجاني أن بلاده «تعتبر أي اختبار قوة في مجلس الامن الدولي او أي مغامرة تهديداً لأمنها، وسيكون لذلك عواقب على موقف إيران من الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وأوضح ان «مجلس الشورى أعد مشروع قانون تبنّته لجنة الامن القومي يقضي بتعليق عمليات التفتيش إذا قام الطرف الآخر بأي تصرف متهور». وأضاف «إذا استمر الطرف الآخر في سعيه الى التصويت على قرار والى ممارسة ضغوط وتوجيه تهديدات، فإن إيران لن تبقى مكتوفة الايدي».
أما وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي، فأكد، امس، أن بلاده «لا تزال تؤمن بأن المفاوضات هي الطريق الأفضل لكسب الثقة النهائية في شأن النشاطات النووية السلمية الايرانية».
وقال متكي، رداً على سؤال في شأن البيان الذي صدر عن الاتحاد الأوروبي، ان «مقارنة النشاطات النووية السلمية الايرانية مع أي تجارب نووية تجرى في مناطق أخرى من العالم تزعزع أسس أدلة البلدان الغربية».
ورأى وزير الخارجية أن «المفاوضات التي أجريت حتى الآن (حول الملف النووي الإيراني) لم تقدم صورة صحيحة إلى جميع الأطراف». وأضاف «إننا نعتقد بأن ‌أي غموض يحيط بالنشاطات يمكن إزالته من خلال مفاوضات تتسم بالشفافية»، معرباً عن أمله بأن تُبنى قرارات البلدان الغربية على أساس الحقائق.
في غضون ذلك، أفادت مصادر دبلوماسية امس ان القوى الغربية الكبرى تأمل توزيع مشروع قرار، في وقت قريب جداً، ينص على فرض عقوبات على إيران في مجلس الأمن.
وبحسب أحد هذه المصادر، التي طلبت عدم كشف هويتها، فإن توزيع هذا المشروع قد يحصل في نهاية هذا الاسبوع، فيما قال مصدر آخر إن توزيعه سيتم في مطلع الاسبوع المقبل.
وتجري محادثات هذا الاسبوع في الأمم المتحدة بين الاوروبيين والاميركيين لوضع مشروع القرار الذي سيتضمن عقوبات اقتصادية وتجارية ضد طهران، وفقاً لهذه المصادر.
إلا أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أعلن امس ان التحرك الدولي المتخذ في شأن البرنامج النووي لطهران «يجب ان يتناسب مع ما يحدث حقيقة في إيران». وأوضح «وما يحدث حقيقة هو ما تقوله لنا في تقريرها الوكالة الدولية للطاقة الذرية. والوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تقل لنا إن هناك خطراً على السلام والامن».
من ناحية أخرى، رأى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية محمد علي حسيني أمس أن مناقشة ملف بلاده النووي في مجلس الأمن لا تعتبر «منطقية».
الى ذلك، توقع الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد «هزيمة» الدول الغربية إذا حاولت منع إيران من امتلاك التكنولوجيا.
ونقلت وكالة الانباء الايرانية امس عن نجاد قوله، مساء اول من امس، ان «دولاً جائرة تريد زرع الفتنة لمنع الأمة الايرانية من بلوغ قمم الكرامة والمجد بما في ذلك منعها من استخدام التنكولوجيا النووية لأغراض سلمية».
(أ ف ب، رويترز، أ ب، يو بي آي)