طهران ــ محمد شمص
رغم السجال السياسي وتراشق الاتهامات والتهديدات بين طهران وواشنطن وتزايد الحديث عن سيناريو التصعيد والمواجهة العسكرية، او ما بات يعرف بالحروب الاستباقية الاميركية، ثمة شعور عام في ايران بأن الحرب مستبعدة، الأمر الذي يدعمه موقف رسمي مليء بالثقة والطمأنينة، والذي يشكك بقدرة وفائدة اي عمل عسكري ضد ايران. وهذه الثقة، إما أنها نتيجة معطيات يملكها الايرانيون عن أن الحرب لن تقع، أو هي تأتي في سياق عدم بث القلق في نفوس الايرانيين.
والسؤال المهم ذو الصلة بالموضوع هو: هل التحاق اوروبا بالولايات المتحدة في مقاربتها للملف النووي الايراني، بعد اعلان وزراء خارجية 25 دولة اوروبية دعمهم العقوبات الاقتصادية على ايران، سيغيِّر في المشهد السياسي الراهن؟ وماذا ستشهد المرحلة المقبلة؟
هناك سيناريوهات عديدة، منها ما يستبعد الحرب وأخرى تتوقعها قريباً.
وللراي الأول أدلّته وشواهده، التي تتلخص في ما يلي:
1ــ إيران تمتلك ترسانة أسلحة هائلة دفاعية وهجومية. وقد استعرضت جزءاً يسيراً منها في مناورات «ضربه ذو الفقار» الأخيرة، التي لم يكن اختيار توقيتها صدفة، حيث جاءت مباشره بعد حرب لبنان. هذه القوة العسكرية الضخمه كفيلة، حسب الخبراء العسكريين، بإلحاق الهزيمة بأي قوة معادية، وإشعال المنطقة برمّتها من الخليج، ولن تنتهي بإسرائيل.
2ــ ليس خافياً على أحد نفوذ ايران وتأثيرها في المنطقة انطلاقاً من العراق وأفغانستان، مروراًَ بفلسطين وسوريا ولبنان، ووصولاً الى بعض دول الخليج.
3ــ تعارض مواقف الدول الكبرى في شأن استخدام القوة مع ايران، وتباين في مواقف دول الجوار، وخاصة أن ايران بيدها مفتاح ثلث الذهب الاسود العالمي، وقد تتسبب بأزمة نفطية عالمية عند إغلاقها مضيق هرمز الذي تسيطر عليه، وهي لن تتورع عن ذلك.
4ــ إن المأزق الذي تعانيه الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، انعكس ازدياداً في الانتقادات الداخلية لإدارة الرئيس الأميركي جورج بوش، عبر المطالبة بخروج قوات الاحتلال الاميركية من العراق.
5ــ إخفاق الاميركيين في بناء تحالف دولي للحرب على ايران.
6ــ غياب إجماع في الرأي العام الاميركي الداعم لفكرة الحرب على ايران.
7 ــ فقدان الذرائع الموجبة للحرب، وخاصة أن أنشطة ايران النووية سلمية، ولم يعثر المفتشون الدوليون على اي دليل يثبت انحراف برنامجها.
8 ــ إن إعلان الحرب على ايران سيدفع طهران حتماً إلى الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي ومواصلة انشطتها النووية بصورة سرية، كما اعلنت ذلك مراراً.
ويعتقد آخرون أن الإعداد للحرب على ايران قد بدأ فعلاً. وانطلق الاسطول البحري الاميركي من قواعده على رأس حاملة الطائرات «ايزنهاور» التي يتوقع أن تصل الى الخليج اليوم، تمهيداً لشن الهجوم، بحسب مصادر عسكرية وإعلامية اميركية. وهناك شواهد اخرى اهمها:
1ــ الحروب الاستباقية هي من صلب السياسات الخارجية للرئيس الأميركي جورج بوش، وإيران تمثّل خطراً على مشروع «الشرق الاوسط الكبير» وتهدّد امن اسرائيل كما يقولون. وهي ضمن «محور الشر» الثلاثي الذي يضم كذلك العراق وكوريا الشمالية، ولا فرصة امام بوش سوى هذه السنة قبل خوض الجمهوريين في الاستحقاق الرئاسي.
2ــ انخفاض شعبية بوش الى ادني مستوى، حيث يواجه، مع الحزب الجمهوري، مشاكل عديدة مع الرأي العام الأميركي. وإعلان الحرب على ايران قد يعيد لبوش، ولحزبه، الشعبية.
3ــ إن تجربة كوريا الشمالية النووية افقدت بوش صوابه وأظهرت فشل السياسات الاميركية، وهو ما يستدعي المعالجة السريعة لهذا الفشل. وبالطبع ليس عبر استخدام القوة مع بيونغ يانغ، بل عبر التفتيش عن هدف اسهل.
4ــ إن المحافظين الجدد لا يعتبرون من اخطائهم وإخفاقاتهم. لهذا من الممكن أن يتخذوا قراراً بالحرب على ايران.
5ــ واشنطن لا تحتاج إلى ذرائع لشن الهجوم على ايران، فلديها اتهامات جاهزة منها: التدخل الايراني في العراق، ودعم طهران للمنظمات «الارهابيه» ومنها «حزب الله» و(حركة المقاومة الاسلامية) «حماس» و«الجهاد الاسلامي»، فضلاً عن اتهام ايران بالسعي لامتلاك قنبلة ذرية، وانتهاك حقوق الانسان، وغيرها من الادعاءات.
6ــ شرارة الحرب يستطيع الاميركيون ان يجدوها بسهولة عبر الإعلان ان احدى البوارج الحربية الاميركية تعرضت لاعتداء صاروخي مزعوم من قوات الحرس الثوري.