strong>مهدي السيد
دفع هاجس عدم تكرار تجربة لبنان في الأراضي الفلسطينية إلى شبه إجماع على إعادة احتلال محور فيلادلفي الذي يبلغ طوله 12 كيلومتراً على الحدود بين قطاع غزة ومصر، بذريعة استخدامه لتهريب كميات كبيرة من الأسلحة، من ضمنها صواريخ متطورة تُضرب من على الكتف.
ودعا نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيلي يشاي، خلال اجتماع الحكومة أمس، إلى إعادة السيطرة على محور فيلادلفي وعدم التردد. وذكَّر بموقفه السابق بأن ترك هذا المحور يشكل «نافذة إلى جهنم».
ورأى وزير التجارة يتسحاق هرتسوغ أن الوضع آخذ في التفاقم، وأنه ينبغي القيام بـ «رد جدي ودقيق من جانب إسرائيل». وقال إن قيادة «حماس» يتملكها الغرور، وتعهّد أن ذلك «سيكلفها غالياً».
وذهب وزير شؤون المتقاعدين رافي إيتان الى اعتبار غزة مشكلة، وأنه «يجب إعادة السيطرة على محور فيلادلفي لفترة طويلة والتعامل مع غزة بشكل موضعي ومحدود، وعدم إعادة احتلالها». وحدَّد بأن «الخيار الآخر هو أن يتعاون المصريون معنا».
ولم يقتصر اطلاق المواقف التصعيدية باتجاه قطاع غزة على المسؤولين السياسيين، بل شمل أيضاً القادة العسكريين، فقد رأى رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الاسرائيلي دان حالوتس أن «القضية الفلسطينية معضلة بعيدة عن الحل. النظام موجود في حالة من الفوضى».
وانضم قائد المنطقة الجنوبية السابق، يوم توف ساميا، إلى جوقة التحريض التي تدعو الى عملية عسكرية واسعة في القطاع غزة، وقال إن إسرائيل «ليس لديها خيار سوى استدعاء جنود الاحتياط للسيطرة على مصانع السلاح والأنفاق التابعة لحماس في غزة». وحدد الهدف بـ«منع حماس من تكرار تجربة ما حدث مع حزب الله في لبنان»، مشدداً على أن ذلك ينبغي ان يتم «خلال الايام أو الاسابيع المقبلة».
في السياق نفسه، نقلت صحيفة «هآرتس» عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إن من المقرر أن يدعو رئيس الوزراء ايهود اولمرت كبار الوزراء في حكومته لعقد اجتماع يومي الثلاثاء والاربعاء المقبلين لمناقشة خيار تنفيذ عملية كبيرة في غزة.
لكن المصادر ذاتها عبَّرت عن شكوكها في المضي قدماً بأي عملية من هذا النوع قبل زيارة اولمرت إلى الولايات المتحدة في منتصف تشرين الثاني المقبل، لأن هذه العملية سينجم عنها سقوط قتلى فلسطينيين وتوتر علاقات اسرائيل الاستراتيجية مع مصر.
وفي هذا الإطار، أعلنت مصادر الرئاسة المصرية أن الرئيس حسني مبارك ناقش أمس خلال اتصال هاتفي مع أولمرت تطورات الأوضاع في المنطقة على الساحتين الفلسطينية والإسرائيلية، ولا سيما النية الإسرائيلية لاحتلال محور فيلادلفي.
ونقلت «هآرتس» أيضاً أن أصوات الأجهزة الأمنية تعلو مطالبة بشن حملة عسكرية واسعة في القطاع من أجل «ضرب نظام التسلح لحركة حماس، وباقي التنظيمات الفلسطينية، قبل أن تزيد قدرتها العسكرية».
في المقابل، اشارت الصحيفة الى أن وزير الدفاع عامير بيرتس يعمل في هذه الأثناء لمنع تنفيذ حملة عسكرية واسعة. ويجري مباحثات ومشاورات لإيجاد مخرج للجمود السياسي في الشأن الفلسطيني، عبر طرح مبادرة سياسية تشكل بديلاً من الجمود السياسي.
وتقول الأجهزة الأمنية الإسرائيلية إن «المنظمات الفلسطينية تحاول إنشاء نظام دفاع يُمكنها من ضرب قوات الجيش، أو إحباط رد إسرائيلي يأتي في أعقاب عملية كبيرة».
وتقول المصادر إن العملية الواسعة في قطاع غزة «ستكون أكثر تعقيداً من العمليات السابقة في الضفة الغربية، بسبب كثافة المباني، وبسبب عدم وجود مهرب للسكان».