القاهرة ــ “الأخبار”
نشرت صحيفة «المصرى اليوم»، على صفحتها الأخيرة قبل يومين، صور جمال مبارك خلال إفطار مع سكان منطقة العجوزة، حيث ظهر ابن الرئيس في الشارع مع الفقراء. هذا ما أردات الصور أن تقوله. والصحيفة (غير الحكومية) اكملت الصورة بالحديث عن بساطته و«البنطلون الجينز» الذي يرتديه، وحواره الباسم مع اهالٍ ينتظرون تسلّم عقود مساكن جديدة لهم من جمعية «المستقبل» التي يرأسها.
هو جمال مبارك «جديد» أو «طبعة شعبية» ظهرت للمرة الأولى في المؤتمر الأخير لـ«الحزب الوطني»، حيث لاحظ المتابعون لمراحل وجوده السياسي أن «ابتسامته تستمر اكثر من 60 ثانية، بل يضحك أحياناً!».
تفاصيل وجهه لم تعد جامدة. أصبحت تعبّر وتتحرر من الخجل. كذلك أصبح مجال يديه حرّاً. يتحدث كأنه خطيب محترف ويرتجل في قضايا لم يكن عليماً بها. ويبدو أن هناك «سيناريست» جديداً يقدّم جمال مبارك في طبعة شعبية .
الصورة الجديدة دعاية عن إبعاد الأب عن السلطة؛ فبينما ترتفع حدة الغضب من حكومة تتحمل تراكم فساد وإهمال 25 سنة، يبدو جمال وحده يتحرك بحرية وبقوة النفوذ في اتجاه حل مشاكل الناس والاستجابة لرغباتهم، من الحصول على مسكن الى الحلم بالقوة النووية.
الطبعة الشعبية تشير الى حيوية في حزب ينام قادته الكبار على مقاعدهم. ويقولون في كواليس الحزب إن جمال «تغير». عرف أنه يخسر من اقتراب رجال الاعمال، فاختار أن يكون الاقرب اليه هو مربيه السياسي الدكتور علي الدين هلال. وبالطريقة نفسها عرف كيف يجعل من مداعبة الحلم بامتلاك القوة النووية رصيداً سياسياً روج لفكرة أنه «نجاد مصر»، في إشارة الى الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد، الأمر الذي دفع اطرافاً كثيرة في الصحف المستقلة والبعيدة عن الحكومة الى الاعلان، من دون خجل، عن إعجابهم بمهارات مبارك الابن، ودعهمهم لـ«ثوريته» فى مقابل سخطهم على «الحاشية» الجديدة التى تفسد عليه محبة الناس. فمبارك الابن لم يدخل السياسة مؤمناً بمبادئ وأفكار. دخلها فى ظل سيناريو خلافة ابيه الذي يقترب الآن من الثمانين، عبر سيناريو ضمان استمرار النظام، الذي رسمته «الحاشية» المحيطة بمبارك الأب وتبنّته مجموعات رجال الاعمال. لكن الابن بعد فترة حاول تكوين جيل مختلف، وألّف حاشيته الجديدة ولجنة السياسات في «الحزب الوطني» الحاكم، التي وصفها، خلال لقاء تلفزيوني، بأنها الوجه الشاب للحزب العجوز.
الطبعة الشعبية ستعيد تغيير تركيبة الحزب الحاكم، وستربك المعارضة اكثر مما هي عليه الآن؛ فهي تقيم وجودها على فكرة مواجهة التوريث، عبر ترويج صورة ابن الرئيس الذي لا يعرف في السياسة ويريد الحكم. رد فعل المعارضة لا يقوى على طرح بديل، وهو وضع قد يؤدي الى نتيجة عكسية: أن يصبح جمال مبارك هو قدَر مصر السياسي.