لم تكن وقفة رئيس الوزراء نوري المالكي ضد الجدول الزمني، الذي أراد الأميركيون فرضه على حكومته، أمراً اعتيادياً في العهد العراقي الجديد، قد يحدث التفافاً حوله ضد الموقف الأميركي، إلا أن تهديداً جديداً لتنظيم «القاعدة» يستهدف المزارات الشيعية في العراق، من شأنه أن يبعد التركيز عن «انتفاضة» المالكي، بما يشكله من خطر لا تحمد عقباه، وخاصة مع تجربة تفجير ضريح الإمامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء في شباط الماضي، الذي سبب اندلاع أعمال عنف طائفية أدت إلى مقتل الآلاف.ففي وقت كان موضوع الجدول الزمني الأميركي حول الإصلاح السياسي ومواجهة الميليشيات يتفاعل، أعلنت السلطات المحلية في مدينة النجف أمس أنها قامت بإغلاق كل المزارات والمراقد المقدسة في النجف والكوفة، بما فيها مرقد الإمام علي، حتى إشعار آخر بسبب وجود «مخطط للقاعدة بتفجيرهاعلماً بأن آلافاً من الزوار الشيعة توجهوا لزيارة الأضرحة والمزارات خلال عيد الفطر.
وقال قائد شرطة النجف العقيد عبد الكريم المياحي: «وصلتنا معلومات استخبارية تفيد بأن هناك مجموعات من تنظيم القاعدة أعدت مخططاً لتفجير المقامات المقدسة في النجف». وأضاف: «قمنا بالاتصال بوزير الداخلية جواد البولاني وأطلعناه على المعلومات. وبعد التحري عنها أثبتت وزارة الداخلية صحة ذلك وابلغنا الوزير بغلق كل المزارات والمراقد المقدسة في الكوفة والنجف حتى إشعار آخر كإجراء احترازي».
وذكر مصدر أمني آخر في النجف أن «السلطات المحلية المختصة تلقت معلومات من وزارة الدفاع العراقية أفادت عن تسلل إرهابيين بأحزمة ناسفة إلى مدينة النجف القديمة للقيام بعمليات انتحارية».
وفي وقت لاحق مساء أمس، أعلن العقيد المياحي أن السلطات المحلية أعادت فتح كل المزارات وأوضح: «بعدما اتخذنا الإجراءات الأمنية اللازمة، وبعد إعادة ترتيب الخطة الأمنية لحماية الزائرين، أعيد فتح المراقد كلها لاستقبال الزوار من دون استثناء».
من ناحية أخرى، نصب مسلحون كميناً لقافلة للشرطة العراقية في بعقوبة شمالي بغداد امس، أسفر عن مقتل ثمانية من عناصرها. ووردت أنباء عن فقد 50 شرطياً آخرين على الأقل. كما هاجم مسلحون مركزاً للشرطة قرب بعقوبة، وهو ما أدى إلى مقتل ستة وإصابة عشرة آخرين.
وأفادت الشرطة العراقية بأنها عثرت أمس على جثتي الصحافي سعد مهدي شلاش، الذي يعمل في صحيفة «راية العرب» الناطقة بلسان حركة «التيار القومي» في العراق، وزوجته في منزلهما في حي العامرية غرب بغداد، موضحة أن الاثنين قتلا رمياً بالرصاص على يد مسلحين مجهولين.
وأعلن الجيش الأميركي في العراق أمس مقتل خمسة من جنوده في معارك جرت أول من أمس في محافظة الأنبار، ليرتفع عدد الجنود الاميركيين الذين قتلوا في العراق منذ بداية الشهر الجاري إلى 96.
على صعيد آخر، ذكر الجيش الاميركي أمس ان العملية العسكرية التي نفذها في مدينة الصدر شرق بغداد اول من امس، والتي انتقدها المالكي، كان هدفها تحرير الجندي الاميركي من أصل عراقي، المختطف منذ الاثنين، مشيراً الى انه اعتقل، خلال العملية، اشخاصا لهم علاقة باختطاف الجندي.
وفي السياق، قال رئيس الوزراء العراقي امس ان «أسوأ زعماء فرق الإعدام سمعة في العراق أفلت من المداهمة الواسعة التي قادتها القوات الأميركية في مدينة الصدر».
وقال المالكي، في مقابلة مع «رويترز»، ان «الهجوم البري والجوي على مدينة الصدر كان يستهدف أبو درع، وهو زعيم ميليشيا مرهوب الجانب يحمل المسؤولية عن سلسلة من أعمال القتل والخطف الطائفي الوحشية التي استهدفت السنة».
وأشار رئيس الوزراء الى أن المداهمة حظيت بدعمه، غير أنه قال انها «تمت بطريقة عنيفة». وأضاف: «انا قلت إننا نوافق على اعتقال المطلوب قضائياً. لا نمانع أن يعتقل أي مجرم سني أو شيعي يقتل الناس. ولكن هذا ليس اعتقالاً». وتساءل: «هل من أجل اعتقال شخص تذهب طائرات ومدرعات؟».

(الأخبار، أ ب، أ ف ب، رويترز، د ب أ)