بغداد ـ الأخبار
طرحت تصريحات رئيس هيئة أركان الجيش البريطاني ريتشارد دانات، الذي رأى، منذ نحو أسبوعين، أن وجود القوات البريطانية في العراق يفاقم المشاكل الأمنية، مطالباً بسحبها قريباً، سؤالاً كبيراً إلى الواجهة، وهو: هل الوجود البريطاني في مدينة البصرة الجنوبية مصدر توتر أم استقرار؟

أحدثت تصريحات الجنرال ريتشارد دانات نقاشاً في الشارع العراقي، حيث تتواجد قوة بريطانية يبلغ تعدادها أكثر من سبعة آلاف جندي تتمركز غالبيتهم في محافظة البصرة ويتوزعون على أربع قواعد رئيسية ونقاط فرعية تحيط البصرة في شبه دائرة مقفلة. وبلغ عدد قتلى هذه القوات منذ آذار 2003 وحتى منتصف شهر تشرين الأول الجاري، 117 قتيلاً، علماً بأن عدد الهجمات التي تستهدف قواعد القوات البريطانية ومقارّها ودورياتها ارتفع في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ.
ويرى نائب رئيس مجلس محافظة البصرة، نصيف جاسم العبادي، وهو عضو بارز في حزب «الفضيلة»، أن «وجود القوات البريطانية في الجنوب هو مشكلة ومصدر زعزعة للأمن والاستقرار. وقد ثبت ذلك خلال أكثر من ثلاث سنوات من احتلال العراق». ويشير الى أن «تصرفاتهم غير المسؤولة تثير حفيظة المواطنين وتؤدي إلى توترات أمنية».
ويتفق مع هذا الرأي عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة البصرة جعفر عبد الكريم، الذي يقول إن «هذه قوات احتلال أولاً وأخيراً، والناس ينظرون إليها من هذا المنظار، فهم لم يقدموا شيئاً ملحوظاً خلال فترة وجودهم الطويلة في البصرة ما عدا زعزعة الأمن».
ويوضح عبد الكريم «أبسط دليل على تصرفاتهم الاستفزازية هو تنقلهم بالمدرعات وسط المدينة وعدم التزامهم بقواعد السير». ويتابع «خلال تجوالهم في المدينة يتعرضون لهجمات يردّون عليها بإطلاق نار عشوائي، ما يتسبب بقتل الكثير من المواطنين. إن وجودهم يخلق مقاومة تجاههم، وخاصة بعد عمليات المداهمة والاعتقالات التي يقومون بها والاعتداء على البيوت الآمنة».
في المقابل، يقول الرائد تشارلي بيربيرج، أحد قادة القوات البريطانية في البصرة، «نحن نعمل بجهد متواصل على فرض الأمن في البصرة، وقد حققنا الكثير في هذا الجانب». ويوضح «شاركنا حتى في إخماد الفتن والنزاعات العشائرية، إضافة إلى مكافحتنا للإرهاب وكل أشكال العنف، وقمنا بالكثير من مشاريع الإعمار».
ويشير الرائد تشارلي إلى أنه «إذا ما استكمل هذا البرنامج واستطاعت القوات العراقية فرض الأمن، سيكون الحديث عن خروج القوات المتعددة الجنسيات حتمياً».
لكن مسؤول «الحزب الشيوعي» العراقي في البصرة «أبو محمد» يرى أن القوات البريطانية لم تسهم في بناء البصرة وإعمارها «رغم إعلانها عن مناقصات بمئات الملايين من الدولارات يفترض أنها خصصت للإعمار». ويضيف «لقد ساهموا بدمار البصرة، فقد سرقت بنوك المدينة تحت أنظارهم».
ويرى أبو محمد أن «وجود القوات البريطانية مصدر زعزعة للوضع الأمني» ويطالب بـ«خروجها من المدينة».
ويقف عضو في الحكومة المحلية، رفض ذكر اسمه، موقفاً وسطياً بقوله إن «وجود القوات البريطانية جيد من جهة وغير جيد من جهة أخرى، فهناك جهات منفلتة في البصرة بحاجة إلى ردع، ومن جهة أخرى إن وجود القوات البريطانية يحفز الكثير من الجماعات على أعمال العنف».
المواطن ثائر محمد (30 عاماً)، عاطل عن العمل، يرى أن «البريطانيين يتخبطون في توجهاتهم السياسية، ما يدل على قصور في الرؤيا وتبعية إلى الأميركيين». ويضيف «عليهم أن يخرجوا بعد كل هذا. ثلاث سنوات من الاعتقالات ومداهمة الآمنين، والبطالة وغياب الخدمات دون أن نلمس شيئاً من وعودهم».
إلا أن المواطن أحمد طالب (53 عاماً)، موظف، يرى في وجود القوات البريطانية مصدر استقرار «لأن السلطات في البصرة منقسمة على نفسها». ويضيف أن «هناك مجموعة قوى متكافئة تتصارع في ما بينها وكل يعمل لمصلحته. وإذا لم تكن هناك قوى مهيمنة وقادرة على الوقوف في وجه هذه الفوضى فستتجه الأمور إلى الأسوأ». ويتابع «نحن بحاجة إلى قوة محايدة وقادرة».