واشنطن ــ محمد دلبح
يشهد الحزب الجمهوري الأميركي، مع اقتراب موعد انتخابات الكونغرس النصفية المقررة في السابع من تشرين الثاني المقبل، إمكانية أفول سيطرته المطلقة على أحد مجلسي الكونغرس منذ عام 1994، ما ساهم في هيمنة اليمين المحافظ على الحياة السياسية الأميركية داخلياً وخارجياً، وأدى، كما يقول منتقدون، إلى كوارث على صعيد الحريات المدنية والتدخلات العسكرية في الخارج، التي توّجت باحتلال أفغانستان والعراق والتهديد بإسقاط أنظمة حكم أخرى في المنطقة والجوار الأميركيويجد المتابعون لحملات الانتخابات التشريعية أن الزحف الديموقراطي يتسلّل بوضوح إلى الولايات، التي تشكل معاقل حصينة للجمهوريين، وأضحت بعض المقاعد، التي كانت بالأمس جمهورية العنصر، تتملص شيئاً فشيئاً من قبضة ذوي الرايات الحمر (الحزب الجمهوري)، وتقترب أكثر فأكثر من الأيادي الزرقاء (الحزب الديموقراطي).
وخلال الشهرين الماضيين، زاد عدد المقاعد التي تواجه خطر السقوط من قبضة الجمهوريين بدرجة كبيرة، ليمنح الديموقراطيين مساحة أكبر من التصويب نحو الهدف المتمثل في استرداد الغالبية المسلوبة في المجلسين.
ومع اقتراب يوم الانتخابات، يرتفع مؤشر اليأس لدى الجمهوريين، ولعل شهادة واحد من أهلهم أبلغ دليل على حرج المأزق الذي يستشعره الجمهوريون، إذ يعترف كبير الاستراتيجيين في الحزب الجمهوري فرانك لونتز بأن عدد مقاعد الجمهوريين، التي أضحت في مهب الريح، قد تضاعف خلال الأسابيع القليلة الماضية لتزيد كثيراً عن 15 مقعداً.
وكشف لونتز أنه بعدما كان الحديث يدور حول 15 مقعداً جمهورياً في مكمن الخطر، ارتفع الرهان الآن ليحوم حول أكثر من 35 مقعداً.
واللافت أن الجمهوريين، الذين باتوا يشكّون في إمكانية بقاء سيطرتهم على الكونغرس، بدأوا يوجّهون سهام غضبهم نحو الرئيس جورج بوش بتحميله جزءاً من المسؤولية عن مأزق حزبهم، وهو ما دفعه إلى مضاعفة جهده في دعم حملات المرشحين الجمهوريين.
ويرى محللون أنه رغم التصريحات المتفائلة التي يطلقها بوش، إلا أن القلق ينهش في عظام الجمهوريين، وخصوصاً بعد فضيحة النائب مارك فولي ورسائله الإلكترونية الجنسية مع مراهقين.
ورغم تفاؤل الديموقراطيين بانتصارهم، إلا أن بعض المحللين يرون إمكانية تقليص الجمهوريين لخسائرهم إذا سلّطوا الأضواء في حملاتهم الانتخابية على قضايا طالما برعوا في توظيفها لمصلحتهم مثل الحرب على الإرهاب وانخفاض أسعار البنزين وربما الضرائب.
ويقول تشارلز كوك، رئيس تحرير تقرير «كوك السياسي»، الذي يتابع توجهات التيار السياسي والانتخابات، إن اتجاه الريح يمكن أن يتغير مرة أو مرتين قبل السابع من تشرين الثاني المقبل.
وبدا أن تحقيق الديموقراطيين للمكاسب المطلوبة في مجلس النواب أكثر احتمالاً من مجلس الشيوخ، والسبب الرئيسي في هذا هو أن غالبية المنافسات بالنسبة إلى مقاعد مجلس الشيوخ تدور في ولايات جمهورية الميل، مثل مونتانا وميسوري وتنيسي، التي تشكل ساحة صعبة للديموقراطيين.
لكن التطورات التي حدثت خلال الأشهر القليلة الأخيرة زادت من رجاحة التوقعات بحصول الديموقراطيين بارتياح على المقاعد الستة التي ينشدونها. وقد أسقط بعض المراقبين بالفعل ولاية مونتانا من قائمة الجمهوريين، بعدما تبيّن علاقة العضو الجمهوري في مجلس الشيوخ عن الولاية مونراد بيرنز برجل حملات الضغط المشبوه والمسجون حاليا جاك أبراموف.