strong>غزة ــ رائد لافي
آن للأزمة الداخلية الفلسطينية أن تخرج من نفقها المظلم، والحديث عن اتفاق قريب يثير أجواء تفاؤلية، تتحسب من تدخلات خارجية تسقط أي تسوية مرتقبة

الاتصالات الفلسطينية المتسارعة قد تثمر في الأيام القليلة المقبلة بوادر حلحلة على خط الأزمة الحكومية الداخلية، مع الحديث عن قرب الاتفاق على حكومة ترأسها شخصية مقرّبة من “حماس”، في وقت تسير اتصالات صفقة تبادل الأسرى في خطى ثابتة، بانتظار رد إسرائيلي نهائي.
وكشف مصدر فلسطيني مسؤول، لـ“الأخبار”، قرب التوصل إلى إتفاق بتأليف حكومة وحدة وطنية تكون قادرة على فك الحصار الدولي المفروض على الحكومة الحالية.
وقال مصدر قيادي في المبادرة الوطنية إنه تم التوصل للاتفاق بوساطة من رئيس المبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي. وأضاف، لـ“الأخبار”، انه اتُّفق أيضاً على تسويق الحكومة الجديدة، التي قد ترأسها شخصية ليست بارزة في حركة “حماس” أو مقربة منها، على المستوى الدولي.
وأوضح المصدر نفسه أن “برنامج حكومة الوحدة الوطنية سيكون مستنداً إلى وثيقة الوفاق الوطني (وثيقة الأسرى المعدلة)، الأمر الذي يعني كسر الحصار السياسي والمالي المفروض على الحكومة والشعب الفلسطيني، وحل الأزمة الداخلية”.
وكان البرغوثي التقى في غزة مساء أمس رئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية، بعدما التقى الرئيس محمود عباس صباحاً. كما التقى البرغوثي عباس في رام الله ليل الأحد ــ الاثنين، وأجريا، أثناء اللقاء، اتصالين هاتفيين برئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” خالد مشعل ومع هنية.
وقالت مصادر أن اللقاء بين هنية والبرغوثي كان إيجابياً وتم الاتفاق على القضايا المتعلقة بالحكومة.
وكان البرغوثي قد التقى مشعل في دمشق قبل نحو أسبوعين، ومن المقرر أن يتوجه إلى الخارج لإجراء اتصالات نهائية، ووضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق، بحسب المصدر نفسه.
وعلمت “الأخبار” أن وساطة البرغوثي تقوم على تأليف حكومة وحدة وطنية ترأسها شخصية مقربة من “حماس”، وليست بارزة في الحركة، على أن يستند برنامجها إلى وثيقة الأسرى المعدلة.
ووفقاً لمصادر فلسطينية أخرى، فإن عباس يحبذ أن يكون رئيس الحكومة واحداً من شخصيات ثلاث: إما رجل الأعمال المعروف منيب المصري، وهو مقرب من عباس، أو وزير التخطيط ووزير المال بالوكالة الدكتور سمير أبو عيشة، أو وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات جمال الخضري.
بدروه، أكد هنية أن الجهود لا تزال قائمة ومتواصلة لإيجاد مخرج من الأزمة الراهنة وتشكيل حكومة وحدة وطنية استناداً لوثيقة الوفاق الوطني. وقال، في بداية جلسة مجلس الوزراء أمس في مدينة غزة، إن “هناك إجماعاً داخلياً على تكثيف جلسات الحوار لرسم معالم الحكومة المقبلة، التي ستخصص جميع جهودها لخدمة الشعب الفلسطيني وكسر الحصار المفروض عليه”.
وعن قضية الإضرابات ومشكلة الرواتب، قال هنية إن «الحكومة تبذل ما في وسعها لتوفير رواتب الموظفين، وهذه الجهود قد تمكنت من تدبير هذه الرواتب، وسنقوم بالإعلان عن موعد صرف هذه الرواتب في أقرب وقت ممكن». وأضاف أن قطاعات التعليم والقضاء والصحة قد تضررت بشكل رئيسي من هذا الإضراب «فمن غير المعقول أن نسمح لأنفسنا بأن يتسيب طلابنا من المدارس وأن تتوقف المسيرة التعليمية»، شاكراً معلمي مدينة القدس لرفضهم المشاركة في الإضرابات ولتحملهم المسؤولية الملاقاة عليهم، واعداً مدرسي المدينة بصرف رواتبهم في أقرب وقت ممكن.
إلى ذلك، رأى الوزير السابق والنائب في المجلس التشريعي عن حركة «فتح»، نبيل شعث، أنه لا فرق بين حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية وحكومة الخبراء والكفاءات باعتبارهما صيغتين لـ“حكومة وحدة تتكون من كفاءات وطنية بتوافق وطني”.
وأضاف شعث أن “الأولوية الأولى لسياستنا العامة تجاه تشكيل حكومة وحدة وطنية تنهي الاقتتال وتسبق تحوله لحرب أهلية وتنشئ حكومة قادرة على التعامل مع القضايا الصعبة والعودة للمسيرة السياسية”. وقال إن “من الواضح أن الرئيس (عباس) له
الحق بحل الحكومة وتكليف الكتلة الكبرى بتشكيل أخرى.. لا بد من عرضها على (المجلس) التشريعي”.
وشدد شعث على أن “فتح” لا تهدف للانقلاب على «حماس» “وسرقة انتصارها ومحاولة إحباط العمل معها، لكنه حمل حركة «حماس» مسؤولية الأحداث الداخلية الفلسطينية في غزة “لأنها الحكومة ولديها القدرة على وقف الاغتيال والتحريض والتشكيك والوصول إلى حل”. وأضاف: “دخلنا في نفق مظلم وحماس تتحمل مسؤوليته”.
ونفى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه صحة تصريحات الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا عن تشكيل حكومة كفاءات خلال يومين، مشيراً إلى أنه “لا سقف زمنياً حتى الآن لتشكيل أي حكومة فلسطينية”.
وهاجم عبد ربه حركة “حماس” متهماً إياها بـ“المماطلة والمناورة”، لإهدار الوقت بغض النظر عن معاناة الشعب الفلسطيني المتفاقمة.
وفي ما يتعلق بملف صفقة تبادل الأسرى، رحب هنية بالدور المصري، موضحاًَ أن هذه الجهود توصلت إلى حل شبه نهائي لقضية الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط.
وفي هذا السياق، قال القيادي في “حماس” أسامة المزيني إن “ملف تبادل الأسرى يشهد تقدماً محدوداً ولكنه مرهون بقبول دولة الاحتلال بالأسماء التي تطرحها فصائل المقاومة”. وجدد التأكيد على شروط الفصائل والطرف الفلسطيني وهي: الإفراج عن ألف أسير فلسطيني فضلاً عن جميع الأسيرات والأسرى الأطفال، وعدم تضمين الأسرى الوزراء والنواب ضمن الصفقة واعتبارها تحصيلاً حاصلاً”، محذراً من أن الاحتلال سيعمد إلى تقديم أسماء أسرى انتهت محكومياتهم أو أنها تقارب على الانتهاء كما في الصفقات السابقة.
وقال وزير شؤون الأسرى الفلسطينيين، وصفي قبها، في مقابلة مع وكالة “رامتان” الفلسطينية المستقلة للأنباء، إن عملية تبادل الأسرى ستشمل حلولاً لقضية الأموال الفلسطينية المحتجزة لدى إسرائيل منذ تشكيل حركة “حماس” للحكومة.
وأعلن الرجل الثاني في «حماس»، موسى أبو مرزوق، أن وفداً من الحركة برئاسة عماد العلمي وصل مساء أمس إلى القاهرة. وقال إن الوفد سيلتقي رئيس الاستخبارات المصرية عمر سليمان لبحث موضوع الجندي الإسرائيلي المحتجز في قطاع غزة وكذلك تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية.
ميدانياً، استشهد فلسطيني وأصيب اثنان آخران بجروح في قصف مدفعي على بلدة بيت حانون شمال القطاع. وقالت مصادر محلية إن قذيفة مدفعية واحدة سقطت على منزل في البلدة أدت إلى استشهاد الشاب مازن أبو عودة (21 عاماً).