القاهرة ــ خالد محمود رمضان
الأوضاع على حدود مصر البرية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة تثير شكوكاً في ما إذا كان قرار الحكومة المصرية بنشر 750 من قوات حرس الحدود لتأمين معبر رفح الحدودي في اتجاه قطاع غزة، بعد الانسحاب الإسرائيلي من القطاع، هو كمين سياسي وعسكري سرعان ما ستجد نفسها خلاله في مواجهة مباشرة مع الفلسطينيين.
وعلى رغم نفي المتحدث باسم الرئاسة المصرية سليمان عواد قيام القاهرة بنشر خمسة آلاف جندي إضافي على الحدود بين مصر وقطاع غزة، بعد الأنباء الإسرائيلية عن خطة لضرب الأنفاق عند محور فيلادلفي (صلاح الدين) بقنابل ذكية، يقول ديبلوماسيون غربيون في القاهرة إن استمرار الوضع الأمني الملتهب على الحدود بين مصر وكل من الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، يثير غضب الشارع المصري، الذي كان يعتقد أن اتفاقية السلام المبرمة بين مصر وإسرائيل عام 1979 كفيلة بأن تجعل الأمور أكثر استقراراً على الحدود المشتركة.
لكن تلك الحدود طالما مثّلت صداعاً مستمراً في رأس السلطات المصرية، التي بات يتعين عليها بذل جهود مضاعفة لضمان عدم تحوّلها إلى منطقة لإثارة التوتر الأمني والعسكري مع إسرائيل.
وطبقاً لما قالته مصادر فلسطينية رفيعة المستوى، فإن التحدي الكبير الذي يواجه الدور المصري حالياً في غزة هو ألا يتحول إلى بديل للسجّان الإسرائيلي، وألا تتحول هذه المدينة إلى سجن كبير يجعل الفلسطينيين يترحّمون على أيام الاحتلال الإسرائيلي البغيض.
وفي محاولة لإقناع الحكومة بانتهاج سياسة أكثر تشدداً مع الجانب الفلسطيني، بدأت أوساط إسرائيلية وأميركية بالحديث عن «الفشل المصري الذريع» في ضبط الحدود، وتزامن ذلك مع رسائل وجّهتها الحكومة الاسرائيلية في شكل سري إلى القاهرة، مفادها أن ما يحدث على الحدود المصرية الفلسطينية من تسيب يجب أن يتوقف على الفور.
ولم تتوقف ماكينات الدعاية الإسرائيلية عن التلويح بإمكانية أن يستغل تنظيم «القاعدة» الوضع لشن سلسلة من العمليات الإرهابية ضد أهداف مصرية أو فلسطينية رسمية.
وظل الإسرائيليون والأميركيون يلحّون على هذه الحكومة لكي تتولى الإشراف على أمور الأمن والضبط والربط في هذه المنطقة الحدودية الحساسة، بحيث تقوم القوات المصرية بتأمين هذه النقطة الملتهبة ومنع عمليات تهريب الأسلحة وتسلل الفدائيين إلى داخل أراضي «الخط الأخضر»، التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1948، وهو ما يعني عملياً أن مهمة كبح جماح العمليات الفدائية التي ستنطلق من القطاع باتت مهمة رئيسية لهذه القوات، التي قد تتورط في مواجهات مسلحة مع بعض العناصر الفلسطينية التي تحفر الأنفاق في اتجاه الأراضي المحتلة وتمارس عمليات تهريب الأسلحة والفدائيين بنشاط من خلالها.
ويبدو الخبير العسكري والمحلل الاستراتيجي البارز اللواء صلاح الدين سليم أكثر تشكّكاً في نيات رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت، ويحذر من أنه إذا لم يواجه ضغطاً عربياً فاعلاً على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية، فإنه سيمضي قدماً في مخططاته الاستعمارية لاعتبار غزة أولاً وأخيراً، ويرفض الدخول في أي حوار سياسي قبل تنفيذ مطالبه في شأن تفكيك منظمات المقاومة الفلسطينية.
في المقابل، يشدد الرجل الثاني في حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) موسى أبو مرزوق على أن الدور المصري في قطاع غزة يجب ألا يكون موجّهاً ضد الشعب الفلسطيني، ولكن لمصلحته. وقال إن «هذا الدور ونشر قوات مصرية في غزة هو محل ترحيب وتقدير مختلف الفصائل الفلسطينية».
وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشورى والسفير المصري السابق لدى تل أبيب محمد بسيوني، لـ«الأخبار»، إن «هناك ضوابط لتأمين الحدود المصرية الفلسطينية وإن مصر لن تسمح بأي حال من الأحوال بالمساس بحدودها».