فرنسا ما بعد جاك شيراك ستكون مختلفة جدّاً عمّا قبله. هذا ما تظهره تصريحات المرشح الأبرز لخلافة الرئيس الفرنسي. ما كان يعرف بـ«الموقف الفرنسي» المتمايز عن الأميركي، قد يختفي في الأشهر المقبلة، إذا نجح اليمين في إيصال مرشحه نيكولا ساركوزي.باريس ــ بسّام الطيارة

دشّن وزير الداخلية الفرنسي نائب رئيس الوزراء نيكولا ساركوزي، أمس، حملته الرئاسية بإعلان أظهر تماشيه تماماً مع الموقف الأميركي والإسرائيلي، وصف فيه حزب الله بأنه «حركة إرهابية»، في تعبير هو الأول من نوعه على لسان مسؤول في الحكومة الفرنسية.
وجاء تصريح ساركوزي في حديث طويل جداً تنشره مجلة «فيغارو» اليوم السبت، يتناول فيه مختلف أوجه السياسة الفرنسية الداخلية والخارجية إلى جانب التوجهات الاقتصادية التي تقودها الحكومة التي ينتمي إليها.
ويبدو، من نبرة المقابلة، أن ساركوزي أراد «فرض نفسه مرشحاً طبيعياً لليمين» من خلال الطروحات التي تناولها، والتي ينتظر أن تثير كمّاً من ردّات الفعل. ويفسر البعض هذا الاندفاع بأرقام كل استطلاعات الرأي التي تشير إلى ان «أفضل مرشحة لليسار سيغولين رويال» يمكن أن تنتصر عليه لو حصلت الانتخابات اليوم.
وبدا أن وزير الداخلية المسمى «رجل الأميركيين»، وهي صفة يفخر بها حسبما قاله لـ«فيغارو»، قد وضع استراتيجية «قطيعة بينه وبين عهد جاك شيراك» في محاولة للتمايز عن سياسة الاثنتي عشرة سنة (الشيراكية)، علماً أنه يرأس الحزب الحاكمغير أن تصريح ساركوزي لا يصبّ في استراتيجية التمايز هذه، بل يعبّر عن «موقفه الأساسي»، بما يتعلق بمسألة الشرق الأوسط عموماً. ومواقفه المؤيدة لإسرائيل معروفة، ولا يخفيها وإن كان قد خفّف منها علناً في فترة الحرب «لعدم مضايقة الديبلوماسية الفرنسية الناشطة». ويرى ساركوزي أن قبول حزب الله «تمويلاً من إيران، التي نعرف ماذا يقول قادتها، يعني الوقوف في معسكر الإرهابيين». ويعدّ هذا الموقف التصاقاً تاماً بموقف الولايات المتحدة التي ترى حزب الله منظمة إرهابية، وابتعاداً كبيراً عن موقف فرنسا أو الاتحاد الأوروبي الذي لا ينظر إلى حزب الله كذلك.
ويردّد الوزير، في المقابلة، ما يقوله في كل مناسبة: «إن حق الأمن لإسرائيل لا مساومة عليه. فإسرائيل ديموقراطية، ولدت في الظروف التي نعرفها، وضمان بقائها مسؤولية كل دولة حرة».
وكان ساركوزي، في «مدح نادر من نوعه» لسياسة شيراك الخارجية و«حكمته»، قد رأى، أمام جامعة أرباب العمل، أن «فرنسا لم يكن بإمكانها التهرب من مسؤوليتها أمام مثل هذه المهمة (المساهمة في قوات اليونيفيل) رغم المخاطر» لأنها «مسؤولة عن أمن إسرائيل»، الذي يُفهم منه أن وجود القوات الفرنسية هو لتأمين حماية إسرائيل، لذا فهو وعد، إذا وصل إلى سدّة الرئاسة عام ٢٠٠٧ «بإبقاء القوات الفرنسية في لبنان».
ويتوقع المراقبون أن تثير تصريحات ساركوزي ردة فعل قوية في الأوساط السياسية. فذكرى ما حصل لرئيس وزراء فرنسا الأسبق ليونيل جوسبان في جامعة بيرزيت الفلسطينية عام ٢٠٠٠ ما زالت حاضرة في الأذهان، عندما اتّهم حزب الله بأنه منظمة إرهابية ثمّ اضطر إلى الهرب من الاجتماع تحت وابل من رشق الحجارة، قبل أن يعجز عن الوصول إلى الدورة الثانية في الانتخابات الرئاسية.
إضافة إلى أن «عامل الجاليات العربية» من الجيلين الثاني والثالث، التي يحق لها التصويت في فرنسا، بات مؤثراً في الحسابات الانتخابية الداخلية. ويرى البعض أن ساركوزي قد يكون في طريقه إلى حرق أوراقه الانتخابية، باعتبار أن مواقفه من الهجرة ومن «تسفير المهاجرين» لن تؤهله لاكتساب أي صوت من أصوات الجاليات العربية والإسلامية مهما كانت مواقفه في السياسة الخارجية.


آخر الأخبار
قال وزير الهجرة والاندماج الإسرائيلي زئييف بويم، الذي التقى وزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي في ١٩ تموز الماضي لشكره على «دعمه إسرائيل»، إن الأخير سأله «كم من الوقت يلزم الدولة الإسرائيلية لإنجاز المهمة؟» في لبنان. وأجابه بويم: «اسبوع أو عشرة أيام». وهذا الحديث نشر على موقع من مواقع الجالية اليهودية الفرنسية ولم يزل موجوداً.
وكانت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني قد التقت ساركوزي خلال زيارتها الأخيرة إلى باريس.